وزراء الداخلية.. والتطرف

TT

عملت وزيرا للتعليم اربع سنوات، ولم اذكر ان اي مؤتمر لوزراء التربية العرب احتل صفحة اولى في صحيفة عربية، او كان ضمن اي نشرة اخبار في اي محطة حكومية او غير حكومية عربية.

اقول ذلك، والصحف العربية ومحطات التلفزيون تفرد اخبارا رئيسية لاجتماع وزراء الداخلية العرب في تونس. وكعادة مؤتمر وزراء الداخلية العرب فان الحديث عن الارهاب يتصدر الموقف، والحديث عن التنسيق بين الاجهزة الامنية العربية يتصدر ما عداه من قضايا. وهذا دليل اكيد على اننا سنعاني من الارهاب والتطرف الى سنوات كثيرة قادمة اذا كنا نعتقد ان مكافحة التطرف والارهاب هي مسؤولية وزراء الداخلية في بلادنا.

مهمة وزارة الداخلية في اي بلد هي اعتقال المتطرفين والمتورطين في اعمال الارهاب، ولكن تحول الناس الى متطرفين وارهابيين هو مسؤولية وزراء آخرين وتحديدا وزراء التربية ووزراء الأوقاف والاعلام.

محاربة الارهاب تنتهي عند وزراء الداخلية ولكنها تبدأ عند غيرهم، فالمدرسة ومناهج التعليم هي مدخل اساسي لثقافة الاطفال والناشئة، فاذا تربى هؤلاء على منهج الوسطية الاسلامية، وتشربوا بثقافة قبول الاخر، وبالتسامح، واذا استمع او شاهد المراهق العربي مؤسساته الاعلامية وهي تدعو الى الخير ونبذ العنف وتحذر من خطر الاقتتال، ومن خطر الفهم المعوج للدين، واذا خلت هذه الاجهزة من تسلل فكر الخوارج الجدد، واذا دخل الناس الى المسجد ليستمعوا الى دعاة صادقين متسامحين بشوشين يطرحون فكرهم بالحكمة والموعظة الحسنة ويعطون النموذج بالتسامح وبالايمان بان الاسلام ليس غلوا فالحرام بيّن والحلال بيّن، وليس انحلالا، فهناك حدود اخلاقية لا يجوز التسامح بها، وعندما تنشر فضيلة الحوار والتسامح، فان الحاجة لوزراء الداخلية ستكون اقل بكثير من الحاجة الى وزراء التعليم والاعلام والأوقاف والثقافة.

متى يأتي اليوم الذي يتابع فيه المواطن العربي اخبار اجتماعات وزراء التعليم حيث توضع الخطط المستقبلية لبناء الانسان وحمايته من الجهل والتطرف، ويتابع المواطن العربي اخبار اجتماعات وزراء الاعلام والثقافة والأوقاف ليرى البرامج الهادفة لحماية الناشئة والشباب، وبعد ذلك تكون مهمة وزراء الداخلية متابعة الخارجين على القانون ومهربي المخدرات وقضايا المرور، مع تقديرنا لجهود الجميع.