مصالحة النظام العراقي.. والمعارضة!

TT

لو ان الكلام جاء من شخص آخر غير الشيخ حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني فيما يتعلق بفكرة المصالحة بين صدام حسين والمعارضة والدعوة الى «طائف عراقي»، لقلنا انها فذلكة من فذلكات كثير من السياسيين العرب، او قلنا انه جهل وعدم دراية بطبيعة النظام العراقي، اما ان يصدر هذا الكلام عن رجل صاحب خبرة كافية بالوضع العراقي، ورجل مقاومة من الطراز الأول، فهو مجال للاستغراب وعلامات الاستفهام.

الرجل الذي يطلب الشيخ حسن نصر الله المصالحة معه هو الذي وقع اتفاقية الجزائر مع ايران ثم مزقها امام رجال الاعلام وشن حرباً احرقت الاخضر واليابس في ايران والعراق. والرجل الذي يطلب الشيخ حسن نصر الله المصالحة معه هو نفسه الذي تسبب في هجرة ملايين العراقيين وقتل واخفاء وسجن آلاف مؤلفة منهم، وهو الذي افقر بلده وقاده من حرب ضد مواطنيه الأكراد بالاسلحة الكيماوية الى حرب ضد جيرانه الايرانيين، ثم احتلال لجيرانه الكويتيين ولم يسلم من شروره سوى جبهة العدو الصهيوني التي قاتل ضدها الشيخ حسن نصر الله بكفاءة وتفرج عليها صدام حسين بكفاءة. والرجل الذي يطلب الشيخ نصر الله المصالحة معه هو الذي اعطى لصهره حسين كامل الأمان وطلب منه العودة ثم ذبحه مع بقية ازواج بناته كالخراف، وهو الذي كان يشحن الاسلحة الى ميناء بيروت لدعم القوى الطائفية المتطرفة والاستمرار في اشعال الحرب الاهلية المجنونة في لبنان. والرجل الذي يطالب الشيخ نصر الله بالمصالحة معه يعتبر المعارضة خونة وعملاء، فكيف يمكن ان يجلس مناضل بحجم صدام حسين مع خونة وعملاء للأجانب.

نفهم لهجة العداء لسياسة الولايات المتحدة في خطاب الشيخ نصر الله، لأننا نفهم الموقف اللاأخلاقي للولايات المتحدة في الصراع العربي ـ الاسرائيلي، ونعي مثل ما يعي ان أميركا التي تطالب ـ وهي على حق ـ بتطبيق القرارات الدولية في العراق تمارس الباطل حين تشجع شارون على القتل وتسميه رجل السلام. ولكن هل يمكن، ايها الشيخ الجليل ان نعتبر كل من رفع شعار العداء لأميركا خادما للقضية العربية. وببساطة نسأل ما اذا كان صدام حسين عدوا للولايات المتحدة فمن الذي تسبب في هذا الحشد الأميركي الهائل في الخليج؟ هل هو أحد غير صدام حسين؟! وهل من المطلوب ان ندافع او ندعو للمصالحة مع كل قاتل محترف تحت شعار انه عربي، ومعادٍ للولايات المتحدة؟ واذا طبقنا هذا المبدأ الخطير، فماذا نعتبر خونة سعد حداد، أليسوا لبنانيين وعربا واغلبهم مسلمون، ولماذا لم ندع لمؤتمر للمصالحة بينهم وبين حزب الله.

لأننا نحترم السيد حسن نصر الله، ولا يمكن ان نزايد على موقفه المقاوم، فان احترامنا له يتطلب ان نختلف معه ما دام خلافا بين عقلاء وخلافا من اجل مصلحة مشتركة. فلقد دفعت أمتنا ثمنا باهظا لفكرة العروبة المتوحشة ونظرية الجاهلية القديمة «أنصر أخاك ظالما او مظلوما».