ثورة على الثورة في إيران

TT

عندما حقق الاصلاحيون الايرانيون انتصارا ساحقا في الانتخابات الرئاسية عام 1997، شكر مرشد الثورة، آية الله علي خامنئي، الله لان اكثر من 27 مليون ايراني ادلوا بأصواتهم مؤكدين ولاءهم للجمهورية الاسلامية.

غير ان الاقبال الذي شهدته الانتخابات البلدية التي جرت يوم الجمعة الماضي، كان ضئيلا جدا. اذ ادلى فقط 700 الف من اصل خمسة ملايين يحق لهم التصويت في طهران بأصواتهم، وبلغت نسبة التغيب عن الاقتراع في كل ايران 80% ولم يفز في طهران اي اصلاحي.

نتائج الانتخابات البلدية لا تعني فقط ان الحركة الاصلاحية فقدت ثقة الشعب بها، بل انها صارت اكثر هشاشة وعرضة الى ضربة قاضية اذا ما قرر الجانب المتشدد الاستفادة من فوزهم. انما تجدر الملاحظة ان الاقبال الضئيل قد يؤدي الى انهيار النظام كله، اذ لأول مرة منذ انتصار الثورة الاسلامية ادار الناخبون ظهورهم لكل ما ينادي به السياسيون الايرانيون من اصلاحيين ومتشددين، وهذا يضع بالتالي شرعية النظام الايراني الحالي على المحك. فخامنئي، كما ذكرنا، والمتشددون يقيمون ثبات الجمهورية الاسلامية من نسبة الايرانيين الذين يشاركون في الانتخابات.

بعض الايرانيين رأى، حتى قبل اجراء الانتخابات، ان حركة الاصلاح انتهت، فالرئيس خاتمي اثبت انه غير قادر على قيادة معركة الاصلاح ضد المتشددين. لذلك ومع نتائج الانتخابات البلدية الاخيرة صارت الفرصة بنظر بعض الايرانيين متوفرة لبروز نوع جديد من الاصلاحيين يدعو الى تغيير راديكالي في النظام.

اول انعكاسات نتائج الانتخابات كان انسحاب اكبر اتحاد طلابي من حركة التحالف مع الرئيس خاتمي، لان الرئيس لم يعد قادرا على التجاوب مع مطالب الطلاب لاجراء التغييرات اللازمة لتوفير الديمقراطية والحرية لايران.

لقد قال خاتمي في ندوة حول التحديات وآفاق التطور في ايران: عندما تصيب الديمقراطية الناس بالخيبة، لا يبقى بديل سوى الديكتاتورية، وللتخلص من الديكتاتورية يمكن للشعوب ان تتطلع الى الخارج! اذا صارت ايران ديكتاتورية مثل العراق، ومن دون تفويض شعبي، فان اعداء النظام الاسلامي سيتحركون للاطاحة به، كما يحصل الآن مع صدام حسين!

ما يحذر منه خاتمي صحيح، ونتائج الانتخابات الاخيرة، او بالاحرى مقاطعة الايرانيين لتلك الانتخابات، تحذير قوي للمتصدين لكل انفتاح واصلاح وحقوق متساوية في ايران، خصوصا ان الجرف المقبل قد لا يتوقف عند العراق.

اللافت ان اقبال الناخبين كان كبيرا في الاحواز، عاصمة مقاطعة خوزستان النفطية. وانتخبوا المرشحين الناطقين بالعربية، بعدما بدأت حركة تطلق على نفسها «حركة تحرير الاحواز» تنشط في اوروبا.