حبال المبادرات الثلاث

TT

مُدّت للحكومة العراقية ثلاثة حبال من اجل انقاذها من الحفرة التي هي فيها. الاول من السيد حسن نصر الله، الامين العام لحزب الله، والثاني من الشيخ زايد آل نهيان، والثالث من عند الحكومة الايرانية. حبل الامارات الوحيد الذي سيضمن لهم الخروج في سيارات المرسيدس السوداء الى الخارج، اما الحبال الأخرى فلن تعطيهم سوى بيجامات السجن.

المبادرة الأولى من لبنان تقترح على النظام والمعارضة التشارك في الحكم، وتقترح الثانية سلامة الرئيس العراقي لقاء تنازله عن الحكم، والثالثة من طهران تنادي بانتخابات شاملة تحدد طبيعة النظام المقبل.

واذا نظرنا الى المبادرات الثلاث فانها جميعا تقود في النهاية الى سقوط النظام، انما بوسائل متفاوتة. فالمبادرة الاماراتية تتميز بنقاط مهمة. تقايض صدام ورفاقه التنحي مقابل عدم شن اميركا الحرب، وتأمين منفى آمن لهم، وسد الطريق امام المشروع الاميركي بتنصيب حاكم عسكري اميركي بادخال الجامعة العربية كضامن للانتقال الى حكم جديد.

أما المبادرة الايرانية فتقول بالاحتكام الى الانتخابات ولا تدعو الى اسقاط نظام صدام مباشرة. فهي جيدة لولا عيبان خطيران، لا يمكن اجراء انتخابات نظيفة ولو جرت يستحيل نزع الحكم سلميا ومناولته للكاسب. النظام يعرف انه في انتخابات حقيقية سيسقط فورا، حتى في مدينة تكريت نفسها، وبالتالي كيف يمكن كف يد السلطات العراقية الحالية عن التدخل، وكيف يمكن اقناع الاميركيين بعدم التدخل ايضا؟ كلا الامرين مستحيل. فهي خطة غير عملية وستطيل أمد المواجهة، وفي النهاية لن تمنع الحرب. الطرح الايراني أثار حفيظة كثيرين في المعارضة العراقية في الخارج. احد المعارضين علق على سؤالي عن رأيه بقوله: «لماذا لم يحتكم الايرانيون الى الانتخابات في ظل الشاه بدلا من الثورة عليه يوم رفض التنازل عن الحكم في عام 1979؟ انهم لم يفعلوا، والعراقيون لن يقبلوا».

مبادرة الشيخ نصرالله كانت الاقدم زمنا من حيث الاعلان عنها، هدفها افشال التدخل الاميركي، لكنها لا تحل المشكل العراقي نفسه. وهي الأخرى، غير عملية على الاطلاق، فكيف يمكن اقناع المعارضة والنظام الحالي بتشكيل حكومة مشتركة وادارة البلاد معا؟ انها مثل جمع القط والفأر في صندوق واحد، ولهذا عارضتها تقريبا كل الفئات الخارجة على النظام.

وعند فحص الطروحات الثلاث ليس امام مسؤولي بغداد سوى ان يتلقفوا مبادرة الامارات لأنها الوحيدة التي تمد لهم حبل النجاة، اما البقية فهي قد تطيل أعمارهم في الحكم شهرا او اثنين لكنها في النهاية ليست سوى حبل مشنقة. مبادرة الاماراتيين تضمن الحدود الدنيا قبل اندلاع الحرب، ستنقذ العراق من الحرب والتدمير، وستنقذ كيان البلد كله من التخريب والفوضى، وستنقذ القيمين على النظام من الملاحقات والاعدامات وحروب الاخوة، وستقصي الاميركيين حيث لن يكون لهم مبرر بتعيين حاكم عسكري اميركي. في مجملها تفرغ الازمة من وقود القتال وتحول دون التصفيات وتنقل الحكم تدريجيا وبسلاسة الى الشعب العراقي تحت العلم العربي. الخيارات الأخرى قد تحيل العراق الى صومال ثانية وعشر سنين من حروب دامية.