شكرا طه رمضان

TT

كما رأيتم وسمعتم مباشرة على الهواء، هذه هي القيادة العراقية التي تصطفون وراءها، وتوهمتم انها بسبب الحرب استقامت. لقد كان نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان في مؤتمره الصحافي رائعا عندما رد على وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لأنه ايقظ الحالمين والنائمين والمغفلين. فقد كشف عن نفسه لمن لم يعرفه، وذكر الذي غفل عنه. فمعظمنا ذاكرته قصيرة وتداعبه دائما خيالاته الحالمة بقضية عادلة، وتسيره دعاياتها حتى تقع الصدمة.

كثيرون فوجئوا، بل اقول صدموا، مما سمعوه من رمضان، اما انا فأعرف ان هذا هو الوجه المحسّن لنظام سيئ، واعتقد ان الايام المقبلة ستريهم ما هو اكثر سوءا، فقط عليكم ان تتفرجوا.

للتذكير، كان الكويتيون متحمسين ربما اكثر من بقية الخليجيين تجاه رفض فكرة الحرب على العراق، لأسباب، من بينها شعورهم بالشك والذنب مجتمعين، حتى نطق عزة ابراهيم، النائب الآخر لصدام في قيادة حزب البعث، يوم هاجم وفدهم الكويتي الذي كان جالسا بأدب امامه. جُرح الكويتيون من اللغة القبيحة التي استخدمها نائب صدام الذي هاجمهم بدعوى انهم يساندون الاميركيين، في حين تغاضى عن العرب الآخرين بمن فيهم الذين يستضيفون قيادة الغزو برمتها.

الآن الدور على السعوديين، وبدأ برجل عرف بتهذيبه وأدبه، هو الأمير سعود الفيصل الذي كان اكثر الاصوات السعودية معارضة للحملة العسكرية الاميركية، واكثر من حذر منها لأسباب شرحها في محطات التلفزة والمجلات الأميركية.

ولا يهم ماذا قال مسؤول في بغداد او مسؤول في الرياض او القاهرة لأن لب المشكلة ليس فورة غضب عصفت برمضان او شعبان انما يوجد في مشكلة كل الرمز الذي يتبناه العرب اليوم في بغداد، ويحيون صموده ويعتبرونه صاحب قضية عادلة ويهللون لبطولاته ويرتكبون اثما عظيما باحتسابه على الشعب العراقي، نفس الشعب الذي عانى بسببه اكثر من اي شعب آخر في العالم. وكل من واجهته بهذا الجانب يتهرب من الموضوع، قائلا نحن لا نقف مع صدام او قيادة البعث بل نقف مع الشعب العراقي. ومن قال لنا ان الشعب العراقي يقبل بهذا التصنيف؟ ومن قال لنا ان العراقيين اذا كانوا يخيرون بين الحالتين، البقاء كما هم او اسقاط النظام، انهم لن يختاروا الثانية حتى لو تأتى ذلك على أسنة الرماح الاجنبية. كل ما اقوله لهؤلاء انهم واهمون.

نعم هناك حسابات سياسية لدول المنطقة، وهذه الدول بما فيها السعودية وغيرها لا تريد الحرب وتخاف من الفوضى في العراق، وهي قلقة من افكار حفنة من المخططين في داخل الادارة الاميركية. كل هذا صحيح لكن الحقيقة ايضا ان الحديث باسم الشعب العراقي فيه ظلم له، فلا يمكن ان يقال ان قيادة حزب البعث العراقي هي الشعب العراقي ولا صدام هو العشرون مليون في بلاد الرافدين، لانه لا يمكن ان يكون من خنقهم بالغازات وضحى بأكثر من مليون من ابنائهم وبطش بهم ثلاثين سنة، وهجّر علماءهم وشعراءهم وكبار قومهم وحكمهم بالحديد والنار، ان تسموه الشعب العراقي. ان في هذه الجملة لظلما اعظم من ظلم الغزو والحرب.