وحدة العراق مسؤولية الجميع

TT

بالرغم من كل مظاهر الفوضى والفرص السانحة للمغامرات التي ترافق سقوط الانظمة الحاكمة بقوة السلاح، كما هي الحال اليوم في العراق، فان بعض البوادر تعطي الانطباع بأن الحكمة والتعقل والشعور الوطني والاخوي ما زالت تتحكم في تصرفات غالبية الشعب العراقي، وأيضا الدول المجاورة.

من هذه البوادر ما حدث في كركوك، من الجانبين الكردي والتركي. فتركيا التي امتنعت عن استغلال الحرب الاميركية على العراق تعاملت مع احتلال القوات الكردية لكركوك بكثير من الحكمة والايجابية، كما ان القيادات الكردية تجاوبت مع ما توجبه تطورات الموقف وخطورته وأخذت تنسحب من المدينة.

هذان الموقفان يشكلان قاعدتين جيدتين لبناء مستقبل الوجود الكردي السياسي والوطني في العراق الجديد، ولإرساء العلاقات التركية ـ العراقية على اسس سليمة وطبيعية لحسن الجوار.

ان المخاوف على وحدة الشعب والوطن العراقي التي رافقت اعلان الحرب على نظام صدام حسين، كانت كبيرة. ولكن الشعب العراقي بمختلف شرائحه أبطل هذه المخاوف وخفف من حدتها، واثبت ان الوطنية التي تجمع بين مختلف فئاته، اقوى من كل الاعتبارات السياسية والحزبية التي فرقت بينها في عهد صدام حسين.

ولا شك في ان بقاء العراق دولة موحدة، كان ولا يزال اولوية الاولويات، ايا كان نوع الحكم الذي سيقوم بعد سقوط حكم صدام حسين. وما اظهره الشعب العراقي، ولا سيما في الشمال والجنوب، يحمل على التفاؤل بأن الحرب لم تزعزع كيان العراق الوطني بل عززت التمسك به من قبل ابنائه وجيرانه والمجتمع الدولي. وغني عن القول ان الحلفاء الاميركيين والبريطانيين الذين في ايديهم، اليوم، مقاليد الامور سوف يحترمون رغبة، بل ارادة ابناء العراق في اقامة حكم ديمقراطي تعددي، يعزز وحدة العراق وتآخي ابنائه، ويتيح لهم فرصة الاستقرار والازدهار في ربوع عراق جديد.