العراقي الذي جاء متأخرا

TT

«تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد

لنفسي حياة سوى أن أتقدما

ـ شاعر قديم ـ

العراق من صنع العائلة

العراق أسر عريقة

أسر تفخر بالحسب والنسب

أسر تعتز بالوجاهة الاجتماعية

أسر تباهي بالزعامة العشيرية

أسر تحتكر المرجعية الدينية

*

آل الباجه جي أسرة سياسية

أسرة مارست الديبلوماسية

كان حمدي الباجه جي وزيرا للخارجية

فمنح العراق صوتا هادئا

أسرة احترفت السياسة

فحارت بين المعارضة والولاء

ترفعت عن الشقاق والنفاق

فوصل مزاحم الباجه جي متأخرا

اصبح رئيسا للوزراء

حاول ان يصلح

فاصطدم بعبد الإله

حاول أن يداري

فأزاحه نوري السعيد

*

ورث عدنان حرفة الأسرة

ورث ترفع أبيه مزاحم

ورث عنه بهاء الإطلالة

ورث عنه وجها بلا شارب

وما ورث عنه تمرده

آثر الديبلوماسية على السياسة

فغدا سفيرا لقاسم العراق

ثم وزيرا لخارجية عارف العراق

فكان لسانا ليبراليا مهذبا

لعسكريَّيْن ركبهما جموح السياسة

وسكرا بخمرها حتى الثمالة

*

الليبرالية العربية فصيلة نادرة

حلمت الليبرالية العراقية بالمثالية

فشقيت في عراق هاشمي

نادت بديمقراطية حقيقية

فشوهها نوري السعيد

راهنت على العسكر

فوزَّر العسكر الليبراليين

وغدروا بالحلم الليبرالي

وسحلت أحزاب اليسار الحرية

طارد صدام الليبرالية

فقطعت صحراء الشوك

راهنت على الصبر والانتظار

فمات الليبراليون المنتظرون

وصمت الليبراليون الصابرون

تواروا في الوطن خوفا

وسكتوا في المنفى دهرا

*

تشرد عدنان الباجه جي

آثر العروبة منفى

فوجد لدى الشيخ زايد مأوى

آثر شقة متواضعة

واكتفى من القرب بالنصيحة

وظل يحلم بجمهورية الفارابي

عراق جمهوري ديمقراطي

عراق مهادن لجيرانه

عراق مسالم لأشقائه

عراق عربي بلا أدلجة

عراق حضاري بلا صدام

عراق حر بلا حصار

حلم بتغيير سلمي

فصدمه التغيير بالقوة

*

تلقى عدنان الباجه جي دعوة

فجاء الى المأدبة متأخرا

وجد نفسه يتيما

اعتبروه ممثلا للسنة

اعتذر فعراقه غير عراقهم

عراقه يعترف بأكراده

ولا يفرق بين سنته وشيعته

عراقه لا يسيِّس الدين

فلا يحزِّب المذهب والطائفة

عراقه لا يقبل الوصاية

عراقه يرفض الفيدرالية الانفصالية

فالديمقراطية اللامركزية كفاية

عراقي باحث عن دور بلا طموح

لعله يجده في تربية جيل جديد

لعله يقدم الليبرالية العراقية

مثالا لليبرالية عربية

لعله لا يسأم مع الشاعر زهير

«ومن يعش ثمانين حولا

لا أباً لك، يسأمِ»