هل في موقف إيران نذالة.. أم موقف غيرها؟

TT

«إن منتهى النذالة كان الموقف الإيراني. لقد تعبت شخصياً في إقناعهم بضرورة خوض الصراع مع العراق منذ 1990، ولكن النذالة وقصر النظر ركباهم. إن جبنهم وليس كراهية صدام هو في الحقيقة وراء موقفهم. فقد تخلوا عن هتاف الموت لأمريكا منذ مدة، ولو تحالفوا مع صدام لكان بإمكانهم الإبقاء على ذلك الشعار. أفتى مرشدهم مُحْرَجاً بضرورة مجاهدة الأمريكان في سبتمبر (أيلول) 1990 (إذا بقوا مدة طويلة في الخليج). فسألته في برقية هل هنالك عدة شرعية لبقاء الأعداء في بلادنا؟ بل الأنكى من ذلك يغزو الأمريكان العراق وما زالت الفتوى غير مفعلة بل يفتي للحمقى ممن يصدقونه بالحياد الإيجابي، لا أراه الله يوماً إيجابياً واحداً بعد اليوم. وتناسى الجبان وصية الإمام الخميني الذي تلمس قلة رجولة أتباعه واستقرأ ما سيحدث بعد وفاته من غزو للمنطقة فكبّل الجبناء من أتباعه بوصيته: يمكننا أن نصالح صدام ولكن لا يمكننا أن نصالح السعودية. ففعل الجبناء العكس تماماً منذ 1990 وغدروا وخانوا الأمانة برفضهم إعادة وديعة الطائرات واعتقد أنهم سيسلمونها الآن إلى أمريكا وهم يرجفون هلعاً منها. وباتوا يعلنون أن العراقيين الذين يهربون إلى أمريكا سيحاكمون على جرائم الحرب التي ارتكبوها في الحرب الأولى، مع أن المسؤولين العراقيين كانوا يذهبون إلى طهران ولا يتجرأون عليهم. كما قابل خرازي الرئيس الشهيد صدام حسين فلم يهدده بالمحاكمة!!!! ما رأيت في حياتي أقرف من هذه المواقف التي تتستر بحب الإسلام».

هذه رسالة الكترونية للمعارض الاسلامي ليث شبيلات، الغاضب بسبب هزيمة صدام. فقد كان بينه وبين الرئيس العراقي المخلوع علاقة مميزة، حيث عظّم صدام مكانته عند مواطنيه الاردنيين، فمرة قبل وساطته وافرج عن اردنيين محكوم عليهم بالاعدام لسرقات ارتكبوها. لكن لماذا هو غاضب من الايرانيين، لماذا ايران بين كل الدول؟ لسبب غير مفهوم كان يتوقع شبيلات من الآيات ان يكونوا فدائيي صدام، وان يدافع الحرس الثوري الاسلامي عن نظام البعث العراقي!

ألا تعتقدون ان هذا قول يستوجب الفحص الطبي؟!

هل نسي شبيلات ان «الشهيد صدام» هو الذي قتل من الايرانيين في حرب الثماني سنوات مليون انسان، ودمر مدنهم، وهشم مواقع انتاجهم النفطية، وسماهم بالفرس المجوس؟ يصف الايرانيين باللؤم لانهم لم يهبوا دفاعاً عن محبوبه، الذي لم يكن يلتقي مع شبيلات في شيء سوى المصالح. فقد استخدم صدام شبيلات، وهو بدوره استخدم الرئيس العراقي، ثم كيف يطالب الايرانيين بأن يضحوا بحياة اولادهم وشبيلات نفسه لم يضح بشيء؟

ان الايرانيين اكثر حكمة من كثير من العرب والمسلمين الآخرين. فهم اكثر من يسير المظاهرات، لكنهم اقل من يسير وراء مظاهرات غيرهم. ومع انهم اكثر من يرفع الشعارات، فليسوا من يتحمس لشعارات الغير. ولا يستطيع أحد ان يلوم الايرانيين على رفضهم التدخل لانقاذ صدام لأنهم لا يرون فيه ما يراه شبيلات، لا يرونه قائد أمة بل يعرفونه زعيم تنظيم مكروه داخل بلده. فالايرانيون اكثر من خبر صدام، شهدوا عليه يورط نفسه بنفسه فلا يخرج من ازمة إلا ليقع في أخرى. اما شبيلات فمعذور لحزنه على الرئيس المفقود، فهو وفاء منه وقف الى جانبه، مع انه لم يسانده حبا بل مناكفة للنظام الاردني يوم اختلف معه. واذا كانت الدنيا مصالح، كما هو تاريخ علاقة الرئيس العراقي بالمعارض الاردني، فان مصالح الايرانيين لا تسير في نفس الطريق العام مع شبيلات، على الاقل ليس في هذه المعركة.