متسناع.. أول ضحايا «خريطة الطريق»

TT

فؤجئ الكثيرون باعلان رئيس حزب العمل الاسرائيلي، عمرام متسناع، استقالته التي تبدو على علاقة وطيدة بطرح الولايات المتحدة لـ«خريطة الطريق»، او على الاقل جاءت عملية السلام هذه كالشعرة الاخيرة التي قصمت ظهر البعير.

فسر متسناع استقالته بوجود جيوب حزبية قيادية تعارض مواقفه السياسية وتعرقل مساعيه وتهدف لتهميشه، وهو الذي كان يريد توحيد الحزب على رؤية حمائمية للسلام.

واقع الحال، ان حزب العمل خسر سبعة مقاعد برلمانية في الانتخابات الاخيرة، ونسبت هذه الكارثة الفريدة في عمر الحزب لطروحات متسناع السياسية، وللفارق الشاسع بين رؤاه وبين رؤى الناخب الاسرائيلي.

وكان الزعيم الجديد للحزب اليساري العمالي، قد قطع على نفسه عهداً بعدم المشاركة في حكومة ائتلاف مع الليكود بزعامة شارون، وهذا ما خلق عداوة بينه وبين زعامات حزب العمل المستوزرين، فاستمروا في عرقلة قيادته للحزب.

اذا كان بوسع متسناع الصمود أمام المهرولين من حزبه للمواقع الوزارية في حكومه ائتلاف مع شارون، فإنه لا يملك قوة كافية في قواعد حزب العمل، ولا ارضية شعبية تمكنه من الوقوف ضد رغبة واشنطن في مشاركة حزبه مع شارون اذا تطلب الامر. ومع اعلان «خريطة الطريق» اصبح من المؤكد ان فئات واحزاب اليمين المتطرف في حكومة شارون ستعارض الحل الاميركي الذي يرى دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل بعد عامين من الآن، مما يدفع الامور باتجاه انتخابات جديدة في اسرائيل، او بالطبع دفع واشنطن حزب العمل لنجدة شارون بتشكيل حكومة ائتلاف وطني، وذلك رغم وعد متسناع القاطع بعدم مشاركته الليكود وشارون في الحكم.

متسناع غير مقتنع بأن شارون يسعى للسلام اصلاً، وخطته الذاتية للسلام تختلف عن «خريطة الطريق» الاميركية المنسوبة لروسيا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة، ولكن زعيم العمل لا يمكنه معارضة مشروع سلام بهذا الدفع وفي هذا الوقت بالذات، ولهذا على ما يبدو اختار متسناع التنحي تاركاً الطريق مشرعاً للمستوزرين من حزبه، وللرؤية الاميركية للحل، ليكون أول ضحايا «خريطة الطريق» على الجبهة الاسرائيلية.