حوار الحريري في الكويت

TT

حوار ممتع شاركنا فيه في دواوين الكويت بين رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري وعشرات من الشخصيات التي تمثل الواناً مختلفة في الطيف السياسي في المجتمع.

الرئيس الحريري تحدث بروح ديمقراطية ووضع يده على جرح الازمة التي نشأت بين لبنان والكويت بعد استقبال لبنان لحسن الكيماوي، ثم بعد ذلك ما حدث في مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي رأسه لبنان والذي رأى فيه الكويتيون ظلماً ضدهم وغياباً للعدالة والتشاور العربي. والشخصيات التي حاورت الرئيس الحريري كانت صريحة وواضحة لكن ذلك كله تم بروح من المسؤولية والاحترام المتبادل وخاصة اذا تذكرنا طبيعة العلاقة الخاصة بين البلدين.

هناك سوء فهم لدى الكثيرين للاوضاع الداخلية في الكويت، وكثيرون في العالم العربي ممن يعيشون في دول الرأي الواحد والتي يمنع فيها الخروج عن النص المكتوب لم يتعودوا على تعدد الآراء، ولذلك يجدون في مقالة يكتبها كويتي او تصريح لنائب في البرلمان تعبيراً عن موقف كويتي جماعي، وهو ظلم للواقع، فالنائب الذي لوح ببيضة في يده في مؤتمر صحفي عقده مع زميل له احتجاجا على زيارة الرئيس الحريري كان يمثل وجهة نظر لا يمكن قمعها، ولكنها في النهاية وجهة نظر نائبين حرين في برلمان حر، ولا يستطيع احد مصادرة رأيهما لانه لا احد بحكم الدستور والقانون يستطيع ذلك. وبالمقابل وجد الرئيس الحريري ترحيباً كبيراً في الدواوين الكويتية وهو ايضاً ليس ترحيبا رتبته الحكومة او تدخل فيه احد، وربما هناك آخرون لا تعجبهم هذه اللقاءات فلم يحضروها، والمهم ان يتوقف ظلم الكويت من خلال رأي اشخاص او نواب او محللين في الصحف لأننا نتكلم عن مجتمع حر لا يستطيع احد فيه ان يدعي انه يمثل الناس كلهم.

الكويت عاشت احتلالا، ولديها جرح ينزف هو الاسرى، والكويت احست خلال الاثنتي عشرة سنة الماضية انها تقاتل نظام صدام شبه وحيدة، ولذلك كانت هناك ضغوطات نفسية هائلة فاذا اضفنا الى ذلك ان هناك حرية حقيقية للرأي والتعبير، فان من الظلم عدم فهم وتفهم التعددية السياسية التي تنتج آراء كثيرة ومتعارضة وبعضها قد ينظر اليها كاراء «خارجة على القانون» ولكنها في النهاية اراء يجب ان يستوعبها الشارع، وان يرد عليها بالعقل والمنطق، اما التشنج والتطرف فهو موجود في كل مجتمع لكن المجتمعات الديمقراطية تصغي جيداً الى هذا التشنج، وهو في النهاية يشكل اقلية يجب احترامها ولكنها لا تمثل الرأي العام.