دفاعاتنا تتطلب السرعة في وجه إرهاب متطور

TT

أثار النائب أيكي سكيلتون (ديمقراطي عن ولاية ميسوري) جملة من الاعتراضات، نشرها في هذا المكان ـ من جريدة «واشنطن بوست» ـ على المشروع الذي تقدم به الرئيس بشأن قانون تحولات الدفاع للقرن الـ.21 ومع إحترامي لسجل السيد سكيلتون الحافل بالخدمة، الا أنني لا أتفق مع العديد من الاعتراضات التي كشف عنها. واليكم وجهة نظري.

يطرح سكيلتون أن هذا التشريع سيشمل أكبر عملية إعادة تنظيم لوزارة الدفاع منذ قانون غولد ووتر ـ نيكولس الذي صدر خلال عام .1986 وهو قد يكون محقا ـ لكن هذه بالتحديد هي النقطة الأساسية. فنحن في الوقت الراهن نخوض أولى حروب القرن الـ21 ولدينا وزارة دفاع تدار وفقا لأنظمة ادارية وبشرية أعدت قبل عقود، إبان ذروة الحرب الباردة.

فالتهديدات التي نواجهها اليوم تختلف بشكل واضح عن ذلك الزمن. وقد تعلمنا يوم 11 من سبتمبر (أيلول) 2001، أن أمتنا معرضة لهجوم الأعداء الذين يختبئون في الكهوف والظلام ويوجهون ضرباتهم لنا بأساليب غير متوقعة. ولهذا يتحتم علينا إحداث تعديلات في قواتنا المسلحة.

قواتنا المسلحة بحاجة إلى أن تكون مرنة وخفيفة وسريعة الحركة، بحيث يتسنى لها الرد العاجل والتعامل مع عنصر المفاجأة.

ونفس الشيء يجب أن يقال بشأن الرجال والنساء الذين يدعمون القوات من خلال عملهم في وزارة الدفاع. هؤلاء أيضا بحاجة إلى المرونة بحيث يتسنى لهم نقل الأموال وتحريك البشر وتصميم ونشر أسلحة جديدة بشكل أسرع، والرد على ما تشهده أجواؤنا الأمنية من تحولات متواصلة.

اليوم لا تتوفر لدينا تلك الحالة من خفة الحركة. وفي هذا العصر ـ عصر المعلومات ـ حيث يمكن للارهابيين نقل المعلومات بسرعة انتقال البريد الاليكتروني، وتحويل الأموال بنفس سرعة نقل الأخبار، وتحريك البشر بنفس سرعة طائرة نقل الركاب النفاثة، ما تزال وزارة الدفاع تدار وفقا لاجراءات بيروقراطية وضعت في عصر الثورة الصناعية.

ولا تنسوا أن لدينا أكثر من 300 الف موظف يرتدون الزي العسكري ويؤدون واجبات يفترض أن يؤديها مدنيون. وذلك يعني أن ثلاثة أضعاف أعداد القوات التي كانت موجودة في العراق خلال عملية تحرير العراق، كانت تقوم بمهام غير عسكرية يفترض أن يقوم بها موظفون مدنيون.

لماذا يحدث هذا؟ لأنه عندما يرغب المديرون في الوزارة في إتمام مهمة ما، فإنهم يلجأون للجيش. إنهم يعلمون أن بإمكانهم إدارة كوادر الجيش، وتكليفهم مهمة ما، وتقديم الإرشادات لهم، ونقلهم من مهمة لأخرى، وإحداث تعديلات على طريقة تنفيذ الأشياء. إنهم لا يستطيعون القيام بذلك اعتمادا على موظفين مدنيين، لأن هؤلاء يدارون خارج وزارة الدفاع بواسطة آخرين، وبأنظمة قواعد ومتطلبات صممت لعهد مختلف.

لقد شهد قانون تفويض الدفاع نموا محدودا خلال العقود الماضية جعله يتحول من صفحة واحدة خلال عام 1962 إلى 534 صفحة عام .2001 وفي الوقت نفسه يطلب من وزارة الدفاع أن تعد وتعرض ما لا يقل عن 26 الف صفحة من التبريرات، إضافة إلى ما يزيد على 800 تقرير يطلبها الكونغرس كل عام ـ العديد منها غير ذي أهمية، ومعظمها على الأرجح لا تقرأ.

منذ عام 1975، تضاعفت الفترة الزمنية المطلوبة لانتاج أنظمة تسلح جديدة، حتى مع تواصل توافد التقنيات الحديثة خلال سنوات وأشهر، لا عقود من الزمن.

إننا نعمل على حل المشاكل التي نتمتع بالحرية اللازمة لحلها. لقد خفضنا من أعداد العاملين في الشؤون الادارية والمقار بنسبة 11 في المائة، وحققنا الانسياب في عملية إنتاج الأسلحة بالتخلص من المئات من الصفحات التي تضم شروطا وقواعدا غير ضرورية، وبدأنا بتأسيس ادارة تجارية جديدة. لكننا مع ذلك نحتاج لما يدعم جهودنا من ناحية قانونية. ولذلك فإننا نطالب بالتالي:

إجراءات لإحداث التحولات المطلوبة في نظام ادارة شؤون الأفراد الذي نتبعه، بحيث نتمكن من تحقيق المزيد من المرونة وخفة الحركة، بنفس الأسلوب الذي ندير من خلاله ما يزيد على 700 الف موظف مدني يتبعون الوزارة. وهنا اسمحوا لي بالتوضيح: فالنصوص التي اقترحناها تحظر تماما المحسوبية.

* صلاحية ممتدة بشأن البحث عن الكوادر البشرية المطلوبة، بحيث يتسنى لنا العثور على كوادر عسكرية من خلال المهام غير العسكرية، وتكليفها بالعودة إلى الميدان.

إجراءات لحماية مواقع التدريب العسكري، بحيث يتسنى لرجالنا ونسائنا ممن يرتدون الزي العسكري، تلقي تدريباتهم وكأنهم يخوضون حربا، في الوقت الذي يتسنى لنا الوفاء بالتزامنا المتعلق بحماية البيئة.

صحيح أن قانون غولد ووتر ـ نيكولس استغرق أربعة أعوام لإقراره، كما لاحظ النائب سكيلتون، لكننا لا نستطيع الانتظار أربعة أعوام حى نحدث التعديلات المطلوبة ـ فالتهديدات الجديدة موجودة الآن. ولو كان هناك ما يستدعي ذلك، فإن تجربة الحرب العالمية ضد الإرهاب التي نخوضها، جعلت هذه التحولات أكثر الحاحا. ذلك أن أعداءنا يترقبوننا ـ ويتأملون كيف تسنى لهم مهاجمتنا بنجاح، وكيف كان ردنا، وكيف أننا قد نكون معرضين للخطر مرة أخرى.

في كهوفهم البعيدة ومخابئهم، ها هم منهمكون في تطوير أساليب جديدة لإلحاق الأذى بشعبنا ـ أساليب هجوم قد تقتل ليس فقط 3 آلاف شخص، بل 30 الفاً أو 300 الف أو أكثر. وهم لا يعانون من قواعد العمل البيروقراطية التي صممت خلال القرن الماضي، كما هو حالنا.

الحقيقة أن إحداث التحولات في قدراتنا العسكرية تعتمد على إحداث التحولات في اسلوب عمل وزارة الدفاع. وهذا لا يعني وضع نهاية لإشراف الكونغرس الفوقي. بل يعني أننا بحاجة للعمل معا لضمان تمتع الوزارة بالمرونة التي تمكنها من مجاراة التهديدات الجديدة التي باتت تبرز مع مضي القرن الحالي للأمام.

*الكاتب وزير دفاع الولايات المتحدة

خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»