رسالة مفتوحة إلى من يحكم العراق

TT

هاتان في يدي رسالتان من مواطنين عراقيين كرديين، الاولى موجهة لرئيس تحرير هذه الصحيفة والثانية الى رئيس تحرير العراق.

المواطن الكردي جان دوست يشكو ظلامته من ادارة هذه الصحيفة لعدم استجابتها لاعتراضه على صورة صدام حسين رافعا يده فوق الصفحات المخصصة للعراق. انني معك في هذا الاعتراض، لقد نقلته الى رئيس التحرير وسأنقله ثانية الى مدير التحرير نزولا الى بواب العمارة، ولا اترك احدا فيها دون سماع صوتك. فهذه الجريدة كانت وما زالت سباقة في ادانة نظام صدام حسين والدعوة لاسقاطه. لا ادري لماذا تحتفظ بهذه الصورة الشامخة له. المفروض استبدالها بصورته تمثالا ساقطا. الصورة التي ستخلد في عالم الفوتوغراف السياسي وتاريخ الدكتاتورية العمياء.

المواطن الكردي زياد القيسي له حكاية اخرى، يبدأها بالاستشهاد بوصية معاوية بن ابي سفيان الى ولده يزيد، ولكن قبل ان استشهد بما قاله معاوية اريد ان اسألك يا زياد، هل انتم ايضا عندكم قبائل قيسية؟ المهم ألا تكون عندكم قبيلة قشطينية ايضا، والا فسيخرب بلدكم.

قيل ان معاوية بن ابي سفيان اوصى ولده فقال: «اوصيك بأهل العراق، فإن طلبوا منك ان تعزل واليا كل يوم فاعزله، فلئن تعزل واليا كل يوم خير من ان تشهر عليك عشرة آلاف سيف».

كان معاوية رجلا حكيما ولكن فات عليه ان يخصص فيقول عشرة الاف سيف كردي.

يبدأ الأخ زياد وصيته للرئيس المنتظر للعراق فيقول:

«لا تعلق صورك على الجدران ولا تنصب تماثيلك في الساحات ولا تظهر لنا مرتديا السدارة مرة والعقال مرة اخرى والقبعة مرة ثالثة والشماغ مرة رابعة وكأنك في عرض ازياء لفولكلور الشعوب. لا نريد ان نتابع اخبارك على التلفزيون لساعات طويلة وانت تستقبل فلانا وتودع علتانا او تعقد اجتماعا كل يوم لتشعرنا بأنك موجود، نريد ان نشعر بوجودك في الخبز الذي نأكله والماء النظيف الذي نشربه والكهرباء التي نستنير بها.

ليكن شعارك «العراق للعراقيين» واعني بهم الكردي والعربي والآشوري والمنداني واليزيدي والارمني والتركماني واليهودي، لا تؤثر ابناءك واقاربك في التعيين او تدخل في صنعة او تجارة تغالب فيها اهلها المؤهلين لها.

يا سيدي الرئيس لا تشتر الشعراء والمثقفين، لا تخصص لهم الجوائز والعطايا، اعطهم هذه الجائزة: حرية الفكر والنشر وحب الناس، كف لسانهم عن مدحك فمن مدحك امامك ذمك وراءك.

لا تسرق اموالنا وتودعها باسماء موهومة في حسابات اجنبية، فلكل شيء حساب، لا نريد عسسا وجنودا يقفون على ابوابنا يدققون في سحنة وجوهنا، فليكن كل من دخل العراق فهو آمن.

العراقيون يا سيادة الرئيس، معدن الناس، شم النفوس فلا تذلهم، كرام فلا تجيعهم، محكوا الدنيا فضحكوا عليها، عيونهم مرتابة وآذانهم شكاكة وعقولهم ماحكة، فلا يغيب عن فطنتهم شيء، ووالله ان ارضاء ابليس لأهون من خديعتهم، فهم لا يصدقون الا ما بين ايديهم وما هم بغير انفسهم واثقون، اكتب لك كل ذلك لكي لا يصيبك ما اصاب حكامنا الاولين».

وهذه رسالة ظريفة من القارئة الفاضلة عالية، تقول: «ان حياتنا مرتبة بشكل مغلوط، فنعيش ونجد ونتعب ونحن نسير نحو شيء مريع هو الموت». وتقول «يا ليتنا نقلب وجودنا، فنبدأ بالموت وننفض يدنا منه، نعود الى الشيخوخة ونتراجع للكهولة فنواجه الكد والجد، ثم نرجع الى حيوية الشباب وبعدها مرح الطفولة ثم نكون جنينا آمنا في بطن امنا تسعة اشهر ثم ننتهي بالذروة الجنسية التي خلفتنا».

اتفق معك، ويا ليت! ولكنك يا عالية تقولين انك تبدأين نهارك بقراءة مقالتي وتنهين النهار باحتضان افكاري، لماذا لا تقلبين نهارك فتبدأين باحتضان افكاري وتنتهين ليلا بقراءتي؟