العنف الذي يحاصرنا

TT

علينا ان نعترف بان العنف قد انتشر في الثقافة العربية بشكل خطير ويتطلب دراسة ومواجهة جادة.

هناك عنف في الشوارع، فنحن نقود سياراتنا بعنف، حتى تحولت كثير من السيارات في المدن العربية الى نعوش طائرة، وعندما تقود سيارتك في معظم العواصم العربية تشاهد العنف بام عينيك، فلا احد يتسامح، كل واحد يريد ان يقطع الطريق قبل الاخر حتى لو ادى ذلك الى ان يتأخر الجميع.

هناك عنف في الحوارات التي تجريها الفضائيات العربية، فلقد خلقت بعض هذه الفضائيات نموذجاً متوحشاً للحوار يفتقر الى ادنى صور الأدب والاحترام، ولا يؤمن بفضيلة الاختلاف، حتى تحولت بعض البرامج الحوارية الى صراع ديكة، واصبحت مهمة مقدم هذه البرامج تحريض المتحاورين ضد بعضهم البعض، فيصبح الحوار اقرب للمعركة التي تستخدم فيها كل الاسلحة، ولا يتورع البعض في استخدام كل لفظ جارح، وكل لغة لا تقال إلا في الشوارع!!

وهناك عنف في الحياة الاجتماعية وخاصة في التعدد الفوضوي حين يكون الزواج نوعا من العبث الذي يمارسه البعض دون ادنى شعور بالمسؤولية وحيث ينتشر التفكك الاسري وتزداد حالات الطلاق، وهي ظواهر عنيفة ومؤذية تجرح الكرامة الانسانية وتؤذي قلوب الناس، ويكون الاطفال اكثر ضحاياها.

هناك عنف في السلوك السياسي غير السوي، فما شاهدناه من مآس في المقابر الجماعية للعراق والتي لم يسلم فيها الاطفال والشيوخ، ومناظر مئات الجماجم والعظام المتناثرة في المقابر ومنظر تفجير المعارضين بالديناميت، ومناظر السجون وادوات التعذيب واضطرار ملايين الناس لهجرة وطنهم واهلهم بحثاً عن الامن وهروباً من العنف والكراهية، ثم بعد ذلك مناظر القتل الاجرامي في السعودية والمغرب للمدنيين العزل تحت حجة كاذبة هي الجهاد، وقبلها ذبح الاطفال والنساء بالسكاكين في الجزائر، وقتل السياح الابرياء في مصر واليمن وغيرهما.. يوجب علينا الاعتراف بان العنف ينتشر بيننا بصور عديدة وكثيرة، وان هناك مسؤولية لا تقتصر على الحكومات، بل تحتاج الى المصلحين والدعاة ومؤسسات المجتمع المدني.