همسات عراقية

TT

اتصل بي صديقي اسماعيل البنا ليعلق على ما قلته بشأن حسنة ملص، البغي الفاضلة التي عملت في المبغى العام في بغداد خلال الاربعينات والخمسينات. قال انه تعرف بها بعد توبتها. واضاف قائلا انها كانت امرأة ذكية جداً وعلى قدر كبير من الجمال. اشتغلت كعاهرة في المبغى العام وعندما أحست بذبول شبابها تحولت الى مهنة السمسرة. وباقتراب الشيخوخة تابت الى الله توبة نصوحاً فخرجت من المبغى وفتحت دكانا صغيرا لبيع الملابس المستعملة في ذلك السوق الشعبي المعروف في بغداد بسوق الهرج.

وراحت تعيش من الكسب الحلال وتكفر عن سابق آثامها. عرفها صديقي ابوسامي في تلك المرحلة عندما كان يزودها بالبضاعة اللازمة لشغلها. ووجدها امرأة في غاية الصدق والامانة، رقيقة المعاملة وحلوة اللسان. غفر الله لها ذنوبها مثلما غفر لمريم المجدلية واسكنهما فسيح جنانه.

صديق آخر، الاديب ورجل الاعمال السيد حامد رجيب كتب لي يقترح على العراقيين في الخارج اجراء استفتاء بشأن اثني عشر بندا لدستور جديد يعمل به العراق. ثم تقدم البنود المقترحة للاحزاب والجمعيات العراقية لتأخذها بنظر الاعتبار عند صياغة الدستور الجديد.

ها أنا يا عزيزي رجيب انشر اقتراحك. وأبادر أنا أولا فأدلي بدلوي فأقول ان المادة الاولى من هذا الدستور يجب ان تتضمن هذه الفقرة:

«تأخذ الدولة العراقية بمبدأ استقلال السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية على ان تزاول السلطة التشريعية مهماتها بمعزل تام عما يقوله المثقفون العرب وتعتبر قوانينها لاغية اذا تأثرت بأي رأي من آرائهم. وتأخذ السلطة القضائية بمبدأ عدولية الشهود الذي يتضمن اعتبار شهادة أي مثقف عربي باطلة وكاذبة. وعلى السلطة التنفيذية تقع مسؤولية حجر أي مثقف عربي يفتح فمه داخل حدود الدولة العراقية وايداعه في بيمارستان الشماعية حتى يستعيد رشده ويتعلم على السكوت».

الصديق المداوم على متابعة هذه الزاوية السيد خزرجي برعي ابشر كتب لي يشير الى عزم أحد ماسحي الاحذية تأليف كتاب عن العظماء الذين اعتاد على مسح احذيتهم، وسلوكهم معه، وبقشيشهم له، وانواع احذيتهم وهلم جرا. يتساءل الاخ خزرجي فيقول لقد اصبحت انواع هذه المذكرات تغرق اسواق الكتب في هذه الايام، هل هناك بين تجار المخدرات من سيعتزم ايضا نشر مذكراته؟

يا صديقي العزيز، مهما كتب تجار المخدرات عن افعالهم الشريرة، فلن يبلغ ضررهم ضرر فصيلة أخرى من تجار المخدرات، وهم المثقفون العرب الذين دأبوا على تخدير شعوبنا المسكينة بمقالاتهم ومؤلفاتهم الفجة التي سببت الهلوسة عند الناس الابرياء ودفعتهم إما للنوم والخدر أو القيام بشتى الافعال الشاذة والمؤذية. تشير الى ماسحي الاحذية؟ دعك منهم وعليك بما سمي الجوخ. نريد منهم مذكراتهم عما قبضوه مقابل مسح جوخ كل هؤلاء الرؤساء والزعماء، وكل هذه الانظمة المهترئة الفاسدة. اين بقشيش ماسح الاحذية من بقشيش ماسح الجوخ؟