بعد الإفراج عن قادة «جبهة الإنقاذ»

TT

بالرغم من توجه أنظار العالم نحو الشرق الأوسط وما يجري في العراق وفلسطين، فإن إطلاق سراح زعيمي الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، عباسي مدني وعلي بن حاج، يعتبر حدثاً مهماً بالنسبة للجزائر وللمغرب والوطن العربي بأسره، فهذا البلد العربي الكبير الذي دخل نضال شعبه من أجل الاستقلال التاريخ العربي الحديث من أوسع أبوابه، والذي كان مرشحاً نظراً لموقعه وثروته النفطية ليلعب دوراً رئيسياً في المصير العربي المعاصر، يتعرض منذ عشر سنوات إلى اضطرابات سياسية داخلية أودت بعشرات الألوف من أبنائه وجمدت نهضته وأرهقت شعبه واقتصاده. ولقد بدأت هذه الاضطرابات الدامية منذ اعتقال زعيمي الجبهة الإسلامية للإنقاذ، واستمرت بالرغم من سجنهما وحل حزبهما، بل وتحولت إلى عمليات إرهاب وتصفية في منتهى القسوة.

هل سيؤدي الإفراج عن الزعيمين الإسلاميين إلى توقف الصراع الدامي؟ وهل سيرضخ الزعيمان لقرار الحكومة منعهما من تعاطي السياسة؟ قد لا يكون الزعيمان الإسلاميان متفقين على الموقف نفسه من الحكم ومن استئناف النشاط السياسي. وقد تكون عشر سنوات من القتال بين «الإسلاميين» والسلطة الجزائرية قد غيرت وجه جبهة الإنقاذ وقياداتها الفعلية، لكن أياً كانت غاية الحكومة والجيش من إطلاق سراح زعيمي جبهة الإنقاذ أو كانت نيات هذين الأخيرين واستعداداتهما لمهادنة السلطة أو لاستئناف معارضتها، فإن العالم ينتظر من كل الفرقاء المتنازعين في الجزائر إنهاء التقاتل الدائر على ارضها منذ عشر سنوات.

ان النزاعات الداخلية والحروب الأهلية في دول العالم الثالث، بعد نيلها الاستقلال، عطلت تقدم هذه الدول ونهضتها وأهدرت ثرواتها وشردت أبناءها. وان كل عربي وكل مسلم، بل وكل محب وداع للسلام في العالم يتمنى ان يتبع هذه الخطوة في الجزائر، نوع من المصالحة الوطنية والانفتاح أو التلاقي بين كل القوى السياسية، سيما بين الجيش والحركات السياسية المعارضة، وتنبثق عنها مرحلة جديدة من حياة هذا البلد العربي الكبير، الذي يشكل حجر زاوية في بناء مستقبل المغرب العربي والأمة العربية.