أموال العراق

TT

المعركة الدائرة حاليا حول مبلغ النصف مليار دولار المجمدة في البنوك اللبنانية من اموال العراق والتي طلبت الامم المتحدة ردها الى العراق باعتبار ان اسباب التجميد زالت، هي مجرد حالة من الكثير من القضايا المعقدة التي سيواجهها عراق ما بعد الحرب خلال عملية اعادة الاعمار الاقتصادي واعادة البناء السياسي.

فهناك الكثير من الاموال المجمدة او المودعة في مصارف بموجب مبيعات برنامج النفط مقابل الغذاء قبل الحرب، والتي تقدر بأكثر من 20 مليار دولار، كما ان هناك الكثير من العقود التي ابرمتها الحكومة العراقية السابقة مع شركات ودول وتوقف تنفيذها بسبب الحرب وتغير النظام، وسيتعين على النظام الجديد هناك الذي لا يزال في حالة تشكل ان يبت فيها.

ومن الطبيعي ان تلجأ سلطات الاحتلال هناك او مجلس الحكم الانتقالي الى جردة للاموال المملوكة للعراق من اجل استخدامها في اعادة تدوير العجلة الاقتصادية هناك مع محاولة تحريك اعادة تصدير النفط بهدف خلق موارد يمكن الانفاق منها على دفع الرواتب واعادة تشغيل المشروعات او اصلاحها.

واذا اتفقنا على ان حدوث فوضى او حالة عدم استقرار طويلة في العراق وهو بلد كبير بالحجم الاقليمي يمكن ان يكون اسوأ سيناريو تواجهه المنطقة في ضوء التأثيرات الحتمية لهذه الحالة على المنطقة كلها، وعلى الدول المجاورة للعراق، فانه يمكن ان يكون هناك اتفاق على ان مساعدة العراقيين على تجاوز الحالة الحالية وصولا الى اقامة حكومة شرعية ذات سيادة يجب ان يكون اولوية قصوى للمنطقة، واهم مجالات المساعدة هي في الجانب الاقتصادي.

بعبارة اخرى فان المصلحة تقتضي ان تلعب الدول العربية دورا رئيسيا في مبادرة دولية لتقديم تسهيلات اقتصادية للعراق في مرحلة ما بعد الحرب بما في ذلك فك التجميد عن امواله، واعادة جدولة ديونه واعفاؤه من بعضها والتغاضي عن موضوع التعويضات باعتبار ان الاقتصاد العراقي دفع ما يكفي منذ حرب الخليج في عام 1991 حتى الان وقد جاء وقت التساهل ومساعدته على الوقوف على قدميه من جديد.

وقد تكون المشكلة الامنية هي التي تحتل الاولوية حاليا، لكن جزءاً كبيراً من حل هذه المشكلة اقتصادي ويرتبط باعادة تشغيل الاجهزة والمؤسسات ودفع الرواتب واصلاح الخدمات، ولذلك فان المتصور ان يكون لدى مجلس الحكم الانتقالي في العراق تصور لخطة اقتصادية انتقالية ولدى سلطات الاحتلال حصر بالموارد والاموال المتاحة في اطار من الشفافية وتحت اشراف من الامم المتحدة والبنك والصندوق الدوليين وحتى يكون كل شيء واضحا.

سيكون هناك خاسرون بالطبع من اصحاب العقود السابقة التي ابرمها النظام السابق والتي ينظر اليها بعض العراقيين الآن على انها كانت عقود شراء مواقف، لكن النظر الى المصلحة المستقبلية للمنطقة يقتضي ان يكون فهم واضح الى ان استقرار العراق من مصلحة الجميع.