إصلاح النظام الحزبي

TT

الاحزاب العربية في كل عاصمة عربية توجد فيها تدعو الى الاصلاح السياسي وتنتقد الحكومات وتتحدث عن جبهة وطنية للاصلاح، ولكن هذه الاحزاب وبكل مسمياتها القومية والاسلامية واليسارية تحتاج الى اصلاح ذاتها، ودراسة تجربتها وتاريخها وتركيبتها، وقد تكون كثير من الحكومات العربية السيئة افضل حالا من كثير من هذه الاحزاب.

الاحزاب العربية تدعو الى التغيير والتجديد، ولكنها احزاب شاخت وأكل الدهر عليها وشرب، قادتها متمسكون بالكراسي الحزبية اكثر من تمسك الحكام العرب، ونادرا ما نجد حزبا عربيا تغيرت قيادته بشكل ديمقراطي، فالقائد هو القائد مهما اصابته الشيخوخة ووصل الى سن العجز، والبرامج السياسية ـ ان كانت هناك برامج ـ هي برامج محنطة تعتمد على الشعارات الكبيرة من دون ان تحمل خططا للتغيير، واعضاء هذه الاحزاب مجموعة صغيرة ليس لها وجود فعلي على ارض الواقع سوى في الصحافة الحزبية والمناسبات الانتخابية والصراع على بعض المقاعد في بعض النقابات والجمعيات.

الاحزاب العربية التي وصل عمرها الى ستين سنة لا تستطيع ان تأتي بخمسة نواب الى اي برلمان عربي حتى في الدول التي تتم فيها الانتخابات بنزاهة، وباستثناء بعض الاحزاب في الدول المغاربية، فان الاحزاب العربية بكل تلاوين طيفها هي احزاب عاجزة، ليس لها جذور في الشارع، لا تريد ان تعترف بفشلها، وهي تعيش حالة من الانشقاقات والانقسامات، وبعضها يعيش على تراث الماضي.

الذين تسلموا السلطة من هذه الاحزاب حولوا دولهم الى جحيم، وفشلوا في اعطاء نموذج لحكم مستقر يحترم الانسان ويشكل بديلا عن انظمة الفساد، فاليسار في جنوب اليمن ـ سابقا ـ والاخوان المسلمون في السودان، واحزاب البعث، وخاصة في العراق، فشلت في ان تشكل بديلا للواقع القائم، بل ان بعضها اصبح كارثة على اهله ووطنه، ولو قرأنا برامج هذه الاحزاب لوجدناها تقطر عدالة ونزاهة وانسانية، لكن الكلام على الورق شيء والممارسة اليومية شيء آخر.

التغيير المنشود في العالم العربي، والدعوة الى التعددية والديمقراطية يجب ان تشمل النظام الحزبي العربي الذي هو نظام شمولي متحجر، واستمرار الاحزاب العربية التقليدية يعني استمرار احد العوائق الكبيرة في طريق الاصلاح.