... ولكن عذارى العراق لا بواكي لهن!

TT

معقود لساني من الغيظ أتمتم : «... ولكن عذارى العراق لا بواكي لهن». «رغد ورنا صدام حسين» في لجوء وضيافة وشروط : «لن نسيء إلى والدنا... وقصي وعدي ...و..»، لهن كل الحق، فنحن الذين نؤمن بـ«ولا تزر وازرة وزر أخرى»، و«لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا»، و«إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور». أما وأن تنحشر أنوف لتخرط على قلوبنا البصل وتقيم سرادقات عزاء لآثمين مجرمين شاركا في ذبح واغتصاب وتشريد وإذلال وخراب، فهذا ما لا يمكن قبوله. إن التسامح مع نساء صدام وبناته تسامح فيه كرم عظيم من جانب الشعب العراقي، بافتراض أنهن غير مسؤولات عن جرائم الوالد والأشقاء والعشيرة والأعوان، وإن كن قد قبلن السكوت عن انتهاك حرمات أخواتهن من عذارى العراق، اللاتي ظللن طعاماً لا يشبع بطن آلة القتل الجهنمية لنظام الوالد صدام حسين على مدى 23 سنة ونصف، ولا يمكن أن يكن غير عالمات أو داريات بما يدور حولهن على أرض بلادهن، وهو عذر يكون أقبح من الذنب.

وبعد :

ما معنى هذا الاستفزاز من «البعض» على هذه الأرض العربية، شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً؟ هل يعتقدون أنهم بهذا، الرثاء والتعاطف مع المجرمين، يكونون قد أغاظوا قوات الاحتلال وقدموا «التحدي» اللازم للجبروت الأميركي و«الصمود» المفتقد للأمة العربية؟

الحقيقة أنهم ينكأون جراح العراق وينثرون فوقها المر والعلقم، وما يزيدها التهاباً واشتعالاً وآلاماً خطرة.

مازلت أذكر وجه الأم العراقية، التي جفت من عينيها الدموع، تقول وتقول وتقول فأقول، وأنا مفري كبدي من العجز: «ابتهلي إلى الله إنه المنتقم العزيز الجبار»، فترد: «طول الليل شايلة يديّا». في الليالي السود عبر السنوات الطوال، كن رافعات الأكف متضرعات إلى الودود الحليم، ولم يكن لدي تصور لشكل العقاب الالهي الكافي الذي يشفي صدور هؤلاء الثكالى والأرامل والمكلومات ويذهب غيظ قلوبهن، حتى جاءت تلك النهايات العجيبة التي لم تكن تخطر لنا على بال، من تعرية وفضح لعصابة لصوص وقتلة جبناء يسلمون الوطن بلا دفاع، ولا يجيدون سوى الاختباء والتخفي للهرب «بجلدهم» وعلى أكتافهم يحملون سرقاتهم من خزائن الدولة، وحين تتم محاصرتهم، بسبب خيانة لص على شاكلتهم، يعرفون ساعتها «المقاومة» الخسيسة الوحيدة الفطرية وهي «الدفاع عن النفس»، فأين هي البطولة وأين هي البسالة المزعومة التي يتغنى بها ذلك «البعض» في سرادقات أحزانهم على المجرمين؟

لقد أهلك الله الظالمين بالظالمين وحرام أن تأخذنا بهم الرأفة.

أين العظة التي تعلمناها من الخسف بقارون وبداره الأرض، وبغرق فرعون وجنده، وبأصحاب الأخدود الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات بالحرق والتعذيب؟ أين العظة التي نتعلمها من الآيات الكريمة رقم 43، 44، 45 في سورة الأنعام: «فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون. فلما نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين». صدق الله العظيم.

والآن دعونا نستمتع بصرخات الظالم الذليلة: «مملكتي بحصان!» للهرب طبعاً، وليس للدفاع عن الوطن المخذول.