توزيع صكوك الغفران

TT

لا بد من التفرقة بين اصحاب الرأي وبين المرتزقة، فهناك خلط في العديد من العواصم العربية بين المفهومين. اصحاب الرأي مجتهدون مهما كانت طبيعة اجتهاداتهم، اما المرتزقة فهم اولئك الذين يحددون مواقفهم على اساس الارتزاق والتكسب وخاصة من خارج حدود اوطانهم.

بعض المرتزقة اصبحوا قادة احزاب في بعض الاقطار العربية، وعدد من الاحزاب التي يفترض ان تكون نزيهة ومحترمة اصبحت تتحرك ضمن مشروع هؤلاء المرتزقة واطروحاتهم القومية والاسلامية المتطرفة والمدفوعة الثمن. ولا شك ان البيان الصادر عن تجمع الاحزاب المعارضة في الأردن هو نموذج على هذه الحالة. فهذا البيان الذي يتحدث عن استقبال عدد من الدول العربية لأعضاء المجلس العراقي الانتقالي، يصف اعضاء هذا المجلس بأنهم "صنائـع الاستعمار" ولا ندري ان كانت الاحزاب الكردية الرئيسية وحزب الدعوة والحزب الشيوعي، والجماعات الليبرالية والاسلامية والمجلس الاسلامي الأعلى وغيرهم من المشاركين في مجلس الحكم الانتقالي مجرد خونة، لأن هذا يعني ان كل ألوان الطيف السياسي العراقي خونة ووحدها المعارضة الأردنية هي الوطنية والقومية والاسلامية الصادقة.

لا نلوم المرتزقة لأن مصادر رزقهم انقطعت، وندري انهم يبحثون عن مصادر رزق اخرى خارج الحدود، لكن ماذا بشأن بعض الاحزاب التي يفترض ان تكون محترمة في الأردن، كيف استطاع المتطرفون ان يجروهم الى مواقعهم التي تتعارض مع مصالح الأردن كبلد ومصالح الأمة برمتها، وكيف استطاعت أقلية من هؤلاء الذين كانوا يحملون صور الطاغية في المظاهرات والذين اعتبروا عدي صدام حسين شهيدا، وصدام حسين الامام الغائب ان يوحدوا لغة المعارضة الأردنية ويظهروها وكأنها توزع صكوك الغفران في الوطنية والقومية، ويقومون بتخوين القوى السياسية العراقية كلها.

أنصار صدام حسين في بعض العواصم العربية مستمرون في التباكي على شعب العراق وهم اكبر المتورطين بمآسي ودماء العراقيين، وهم لن يهدأ لهم بال اذا استقر العراق، ولذلك لن يهدأ لهم بال بالتأكيد.