إنجاز المهمة في العراق ضرورة عاجلة

TT

زيارتي الحديثة للعراق اقنعتني بأشياء عدة. كنا على حق بالذهاب الى الحرب من اجل تحرير العراق. ان الشعب العراقي رحب بمحرريه من الظلم، وعراق حر يمكنه ان يغير الشرق الاوسط. واقتنعت ايضاً ان الفشل في تطبيق الالتزام السياسي والمالي من اجل بناء العراق الجديد سيعرض للخطر قيادة اميركا للعالم، وسيقوي اعداءنا، وسيحكم على العراقيين بالعودة مجدداً للطغاة.

اذا كنا نريد تجنب النقاش المستقبلي حول من «خسر» العراق، فعلينا العمل الفوري لتحويل نجاحاتنا العسكرية الى نصر سياسي. لقد خضنا حربا عادلة في العراق لإنهاء خطر داهم من ديكتاتور مارس العدوان على شعبه وجيرانه واثبت استعماله اسلحة دمار شامل ضدهما.

تحويل العراق الى دولة عربية تقدمية يمكنه وضع المنطقة، التي انتجت صدام حسين والطالبان والقاعدة، على طريق جديد يشمل التعبير الديمقراطي والتنمية الاقتصادية، بدل خليط الاذلال والفقر والاضطهاد المنتج للراديكالية. تحويل العراق سيؤدي الى تحديث في العالم الاسلامي لا يعبر عن ذاته بالتهديد لشعوبه وللامم الاخرى. وفي المقابل، فان اجبار الولايات المتحدة على الانسحاب من العراق سيكون اخطر هزيمة اميركية منذ فيتنام.

مهمة اميركا في العراق في غاية الاهمية، ويجب ان لا تفشل. ونظراً لتلك الاهمية، فلا يمكننا مباشرة تنفيذ «التزام الجيل» هذا من اجل تغيير الشرق الاوسط بثمن زهيد. على الادارة مصارحة الشعب الاميركي بصدد الكلفة والالتزام المطلوبين لتحويل العراق.

يجب ان يفهم الشعب الاميركي اهمية هذه المهمة، وان يستعد للتضحية في سبيلها. بدون حملة مكثفة الآن لشرح الغاية وضرورتها والالتزام السياسي والمادي المطلوب لها، فاننا نمهد لهزيمة وضربة دائمة التأثير على مصالح اميركا وتطور الحرية.

بعد تحرير العراق وجب علينا اظهار الفوائد الجلية للاحتلال الذي ستتقبله الاغلبية العراقية الصامتة، اذا نجح في تقديم الخدمات وضمان الامن والقانون والانتقال الى حكم عراقي ذاتي. الخطر ان فشلنا في تحسين الحياة اليومية والامن ومشاركة عراقية في حكم الذات سينهي الصبر ويغذي المقاومة.

لم يعد لدينا الوقت ليهدر، واذا لم نحسن بوضوح الخدمات والامن في العراق في الاشهر القليلة القادمة، سيكون الوقت قد تأخر. سنخاطر بخسارة دائمة لثقة العراقيين ونعزز محاولات المتطرفين الذين ينشدون هزيمتنا ويهددون المستقبل الديمقراطي للعراق.

السفير باول بريمر اداري مقتدر، ولكن تنقصه المصادر والالتزام السياسي لانجاز هدفه بتحويل العراق. مهمته على حافة الافلاس، وهو يقر ان العراق يحتاج «عشرات البلايين» من الدولارات، في العام القادم فقط، لإعادة الاعمار. لكن حجم الشعور بالالحاح في واشنطن لا يتطابق مع حجم الحاجة على الارض في العراق.

ما زال الامن مشكلة مهمة في العراق كون حجم قواتنا غير كاف، وذلك على عكس تأكيدات الادارة. يتعرف الزائر فوراً وعبر الاحاديث مع مسؤولي الجيش الاميركي، اننا نحتاج لنشر لواء آخر على الاقل. ونحتاج الى قوات اجنبية اضافية، خصوصاً من دول اسلامية حليفة مثل تركيا وباكستان. لكن الامن لا يتحسن بالضرورة مع زيادة عدد الدول المرسلة لقواتها. المهم هو الكمية والنوعية للقوات المسلحة وليس عدد الدول المرسلة لهم.

إعمار العراق لا يحتاج فقط الى قوات اضافية، ولكن الى خليط مختلف من القدرات اللغوية للقوات، وضباط الشؤون المدنية، والشرطة العسكرية، والمهندسين، والى زيادة جلية في اعداد الخبراء المدنيين لتطوير وبناء الديمقراطية. اعداد الخبراء المدنيين في العراق قليلة بشكل مدهش. لقد صعقت من اجماع آراء الضباط الاميركيين في العراق، على ان الخبراء المدنيين في البناء واصلاح القضاء والحكم المحلي، هم بأهمية تعادل وجود القوات المسلحة.

لقد فوجئت ايضاً من حجم غياب ثقة العراقيين في الامم المتحدة. ومن غير المؤكد ان سيطرة الامم المتحدة على العراق سياسياً سوف تحسن شرعيتها. قوات حفظ امن تابعة للامم المتحدة، على غرار القوة التي وقفت تتفرج على ذبح آلاف البوسنيين في سربرينيتسا لن تعزز ثقة العراقيين. رضى الامم المتحدة عن سلطات الاحتلال، واعترافها بمجلس الحكم العراقي، وارشادها في مجال اعمار العراق قد يساعد في مهمة القوات الاجنبية ودعم الاعمار، لكن تفرد الامم المتحدة في المهمة قد يعرض مهمة تحويل العراق للخطر.

يجب ان يأخذ العراقيون دورا اكبر في تحديد مستقبلهم. تدريب جيش عراقي جديد، وقوات دفاع مدني وقوات شرطة هي من الضروريات. علينا التدخل بحزم ايضاً في تدريب وتقديم النصح للاحزاب السياسية، وتحويل سلطات اخرى للقيادة العراقية وتحديد الاطار والزمن لنقل المهام السياسية.

بدون أي شكوك: سيبقى العراق مركز المعركة في الحرب ضد الارهاب. لا بد من النجاح في العراق، لأن كل ممثل سيئ في الشرق الاوسط ـ قتلة بعثيون، داعمو ارهاب، والمحرضون الاصوليون، الارهابيون ـ له فائدة في هزيمتنا. انهم يعرفون بأن تحول العراق سيكون هزيمة مؤثرة، وربما قاضية عليهم. يجب ان يكون العراق مهماً لنا لأنه بالغ الاهمية لاعدائنا، ولهذا فانهم يواجهوننا بشدة، وعلينا ان ننجز المهمة بنجاح.

* سيناتور اميركي جمهوري من اريزونا ـ خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»