السعودية: منظمة التجارة أهم من تنظيم «القاعدة»

TT

لا أدري لماذا صارت السعودية من أواخر الدول التي تدلف الى داخل منظمة التجارة العالمية، وحسب ما علمت فالمشكلة مردها البيروقراطية اياها. انما دخولها، وهي لم تعط الاشارة الخضراء بعد، سيفتح لها آفاقا واسعة وهي بلد يملك طاقات ذاتية كبيرة.

وجيد جدا انها تدخل هذه المنظمة في الوقت الذي تخرج فيه عناصر تخريبية مثل تنظيم القاعدة. فـ«القاعدة» وجدت في المملكة، اكثر مما انتبهت اليه منظمة التجارة، وجدت سوقا مغرية وديناميكية، مليئة بالشباب والمال والافكار.

وعندما تدخل السعودية السوق الدولية الكبيرة تحت مظلة منظمة التجارة الدولية فانها ستخرج من حضانة الأم الحكومة ايذانا بالمصارعة في الحلبة العالمية.

فالاهتمام بدخول منظمة التجارة والاعداد لها حرب اهم حتى من حرب تنظيم القاعدة العالمي الذي لم يدع ارضا مثمرة في العالم الاسلامي الا واشعل فيها حريقا. ولعل «القاعدة» الشريرة ان كانت لها حسنة واحدة فهي انها برهنت على انه يوجد شباب مثابر وصبور ومستعد لأي عمل حتى لو كان بمقاييس شركة «القاعدة» الصعبة جدا.

بدخولنا التدريجي للسوق العالمية صارت الحكومة مطالبة بأن تكمل مشروعها في اعادة النظر في فلسفة تعليم صغارها، وبناء جسور تصل الخريجين بمراكز العمل، وتمكين الشركات المحلية من الوقوف بعيدا عن الدعم والقوانين الحمائية. مع دخولها حلبة التجارة الدولية على الدولة ان تكون أكثر شجاعة فتطرح الكثير من مؤسساتها الخدماتية في السوق، وان تبلغ من الشجاعة ذروتها فتلغي احتكار شركات حكومية ضخمة مثل «سابك» في سوق البتروكيماويات، وتسمح بمن ينافسها، وتخطو خطوة أخرى شجاعة بفتح سوق ارامكو، الشركة العملاقة التي تؤدي مهام صناعية متعددة، للشركات المحلية الأخرى. وهناك قطاعات عديدة تحتاج الى تدخل لتطويرها بالدمج او الاستثمار، اضافة الى تنفيذ وعود قديمة لم تنفذ بما فيه الكفاية مثل التخفيف من البيروقراطية، التي هي شكوى الجميع. فالبيروقراطية الحكومية، بكثرة قوانينها وسراديبها تضعف السوق لينعكس ذلك على قدرات الشركات في الانتاج والتوظيف.

هذه تبدو حربا لا تقل عن الحرب على «القاعدة»، بل في حقيقة الأمر انها أصعب كونها تتطلب تعديل انظمة ومواجهة اوضاع قائمة، سياسية واجتماعية واقتصادية، وتمس حياة ملايين الناس وعلى مدى مستقبلي طويل.

وأشعر ان دولة، كالسعودية، تملك قدرات كبيرة لكنها لا تسخرها باقصى طاقتها، وهذا ما يجعل عدد المسجلين في سوق العمل اكثر قليلا من نصف مليون مواطن من أصل نحو خمسة ملايين تم استقدامهم من الخارج. وبدخول السعودية منظمة التجارة العالمية، وهو أمر متوقع حدوثه قريبا، فانها تدخل عالما تنافسيا جديدا يستحق التفاتة استثنائية من الدولة للتسريع بوعودها في التخصيص والتخفيف من القوانين المتراكمة وفتح اسواقها بشجاعة تقفز فوق رؤوس البيروقراطيين المعروفين بأن يومهم سنة.

[email protected]