لماذا تشكك واشنطن بالإنجاز الصيني الفضائي الأخير؟

TT

الولايات المتحدة رغم اسراعها في تهنئة الصين على اطلاقها المركبة «شينزهو 5» الى الفضاء في الاسبوع الماضي وبداخلها رائد فضاء هو المقدم يانغ ليوي، الا انها متخوفة جدا من البرنامج الصيني ومن نيات بكين البعيدة المدى.

فرغم الحديث الدائر حاليا عن تعاون فضائي مستقبلي بين واشنطن وموسكو وبكين، وقيام بعض المحللين بالإقلال من اهمية انجاز الاخيرة، والقول ان برنامجها الحالي متخلف 40 سنة عن البرامج الاميركية والروسية، الا انه يبقى ان الرائد الصيني استطاع الدوران حول الارض 14 دورة كاملة خلال 21 ساعة قبل الهبوط بنجاح في منغوليا، ثم ان الرحلة الاخيرة كانت اسهل بكثير من الرحلات الروسية والاميركية التي تمت في الستينات.

ومما يزيد من المخاوف الاميركية ان الصين رغم تكتمها على رحلتها الاخيرة قدر المستطاع الا انها طامحة لاجراء عمليات التحام مدارية بين مركبات فضائية مختلفة مستقبلا، وبالتالي ارسال انسان للهبوط على سطح القمر خلال العقد المقبل من الزمن، وقد يلي ذلك تشييد محطة فضائية على غرار المحطة الحالية المتعددة الجنسيات.

بكين كشفت ايضا اكثر من مرة في السابق باشارات مختلفة عن نياتها في عسكرة الفضاء، كما ان البنتاغون اكد انها ستحاول تعزيز انظمتها الفضائية العسكرية في السنوات العشر، او العشرين المقبلة بأي وسيلة ممكنة.

حتى الشركات الاميركية العاملة في ميدان الاسلحة والمعدات الفضائية والجوية والالكترونية، كنورثروب على سبيل المثال، ذكرت عقب الانجاز الصيني الاخير، ان الحروب المقبلة خلال العشرين سنة المقبلة سيكون ميدانها الفسيح الفضاء، وطالبت الادارة الاميركية بالتركيز على الاجيال المقبلة من الاسلحة ذات الطاقة الموجهة، او الاشعاعية، كالليزر وغيره، الصالحة لمثل هذه الميادين الجديدة، وحذرت من ان الولايات المتحدة تملك حاليا منظومات فضائية كاملة مؤلفة من اقمار صناعية للاتصالات، او الاستطلاع والتجسس، وان اي هجوم يشن عليها من شأنه «تعمية» قواتها تماما وشل حركتها.

الأمر الآخر الذي فاجأ واشنطن هو تجاوز الصين لليابان في ميدان غزو الفضاء، فقد كانت تتوقع، شأنها شأن سائر العواصم العالمية، ان تكون طوكيو هي السباقة في هذا المجال لا سيما انها تملك برنامجا فضائيا طموحا هي الاخرى. لكن جاءت النتيجة عكس ما تشتهي الانفس، وهي نتيجة فاجأت الجميع لضخامة حجمها نسبيا، ثم ان السرية المطلقة التي احاطت بها بكين برنامجها كانت مصدر قلق آخر للجميع.

تقول جاكلين نيوماير المحللة السياسية في جامعة اكسفورد البريطانية: «تصوروا الولايات المتحدة مثلا تدرب 14 رائدا للفضاء خلال السنوات الخمس الاخيرة من دون ان يدري احد على من وقع الاختيار بينهم للقيام بالرحلة الاولى حتى الساعات الاخيرة، ومن دون ابلاغ احد اين ستحط المركبة بعد رحلتها المظفرة».

هذا هو الفارق بين البرامج الفضائية المكشوفة والعلنية، وبين البرامج السرية، وهذا ما يثير الشكوك فعلا.

ثم هناك السؤال الآخر الذي يطرح ذاته وهو: اذا كانت بكين قد بلغت مثل هذه المرتبة العالية من غزو الفضاء، فلماذا لم تنضم مثلا الى الائتلاف القائم حاليا في المحطة الفضائية الدولية؟

احد المسؤولين البارزين عن تطوير المعدات والاجهزة الاستخباراتية في شركة نورثروب للمعدات الدفاعية ذكر الناس بقول نابليون المأثور: «ويل للعالم اذا استيقظ التنين الاصفر». ولعله كان يشير في ذلك الزمن الى الصين.