من التربية وبها تبدأ مكافحة الإرهاب..

TT

القول ان مكافحة الارهاب تبدأ من مقاعد الدرس ومن الكتاب المدرسي مقولة حق لها نفس الوقع، وليكن من يكون قائلها. اقول بذلك كباحث اسرائيلي الهوية يعمل في الولايات المتحدة ويدير معهد ابحاث دولياً مقره الرئيسي في واشنطن وله فروع في اربع عواصم اخرى. ومن جملة ما قاله محيي الدين اللاذقاني عني دون ان يعرفني او يحاول تحري الحقيقة انني خدمت في الموساد.

ورغبة مني في نشر الحقائق والوقائع أؤكد له وللجميع اني لم اخدم قط في الموساد، كما اني لم اشغل اي منصب رسمي ولا علاقة لي بأي دائرة حكومية لا في اسرائيل ولا في الولايات المتحدة او اي بلد آخر منذ انهيت الخدمة قبل نيف وعشر سنوات.

ان معهد دراسات اعلام الشرق الاوسط MEMRI، الذي أرأسه لا يعبر فيما ينشره عن آرائه ومواقفه الخاصة ويكتفي بأن ينقل بدقة وامانة متناهيتين ما ورد في وسائل الاعلام من اقوال شخصيات ومؤسسات لها دور هام في تكوين الرأي العام في الشرق الاوسط. اننا نرى ان نشر هذه الآراء هو من الاهمية بمكان كي يطلع عليها من لا يقرأ العربية او الفارسية. فإذا كان الاستاذ اللاذقاني يعتبر الآراء والاقوال التي تصدر في وسائل الاعلام العربية والفارسية سموما فعليه ان يعرف ان معهدنا ليس مصدرها ولا هو الذي ابتدعها او دبجها، لذا فإني ادعو الاستاذ اللاذقاني الى ان يوجه لومه الى من يكتب هذه السموم وينشرها بالعربية والفارسية، متبعا خطى مفكرين عرب ومسلمين نادوا وما زالوا ينادون بتنقية اجواء الادبيات العربية من «سموم» كهذه لان ضررها الاول والاكبر هو على العالم العربي والاجيال الناشئة. وصحيفة «الشرق الأوسط» تستحق الشكر والتقدير لتحريها الحقيقة وخدمتها قضايا العرب بنشرها نداءات كهذه.

اما اذا كان الاستاذ اللاذقاني لا يعتبر ما تنشره وسائل الاعلام العربية سموما الا عندما يكشفها المترجم الى لغة اجنبية، ففي مثل هذه الحالة لا يسعنا الا ان نبدي اسفنا على هذ الازدواجية في الحكم على الامور، حيث ان الحقيقة لا بد لها من ان تظهر عاجلا ام آجلا. اما ما يتعلق بما ورد في كتب التدريس في السلطة الوطنية الفلسطينية وما كتبه هو عن ذلك (الاستاذ اللاذقاني) فيجدر التنوية بان هناك في العالم العربي (في تونس مثلا) كتب تدريس الثقافة الاسلامية بطريقة انسانية تتناسب وسماحة الاسلام الحق ومن دون مخالفة شرائعه او اركانه او مواقفه التاريخية، فهي لا تمدح أمام الطلاب الاستشهاد واراقة الدماء، والجهاد المذكور فيها هو جهاد النفس الذي وصفه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، بانه اعظم الجهاد. والبرنامج التربوي التونسي وضع قبل انشاء معهدنا بسنوات عديدة وهو دون ادنى شك يمثل الاسلام ورأي الغالبية العظمى من المسلمين الذين لا تسمع اصواتهم نظرا للضجة الكبرى التي تحدثها فئات قليلة من المتطرفين، ولا غرابة في ندرة من انضم الى جماعة «القاعدة» مثلا من ابناء تونس.

ولكوني في الماضي البعيد مستشارا لمكافحة الارهاب، يوجه اليّ من حين الى حين في مقابلات تلفزيونية السؤال التالي: ما السبيل لمكافحة الارهاب الدولي؟ وينتظر السائلون مني اجوبة تشير الى خطوات اضافية في تطبيق القانون الدولي ولكنهم يفاجأون عندما ارد: نعم، الارهاب يبدأ بالتربية ومكافحته يجب ان تبدأ اولا واخيرا بالتربية.

* باحث اسرائيلي ومدير معهد دراسات الشرق الاوسط باميركا، وقد بعث بالمقال لـ «الشرق الأوسط» ردا على مقال لللاذقاني قال فيه ان الكاتب قد عمل بالموساد.