من بعد أفغانستان والعراق!

TT

الحرب على الارهاب التي تشنها الولايات المتحدة والعالم، والتي بدأت بعد عمليات 11 ايلول (سبتمبر) الارهابية، لم تنته مرحلتها الاولى بعد، اي ان الحرب في افغانستان اطاحت بنظام الطالبان من كابول، لكنهم عادوا يفرخون في قندهار وخوست، وبسببهم إما يخطئ الطيارون الاميركيون في انتقاء اهدافهم، ويسقط ضحايا من الاطفال الافغان، تسعة اطفال يوم السبت الماضي، ومثلهم ستة اطفال يوم الجمعة الماضي، او ان الطيارين، كما يقول سيئوو النية، يجربون اسلحة جديدة!

المرحلة الثانية من الحرب على الارهاب، كما تصر واشنطن على تسميتها، كانت ضد العراق، وهي الاخرى لم تنته بعد، ولكن اذا كان هدف هذه الحرب واحدا وهو القضاء على الارهاب، فليس واضحا لماذا تعادي اميركا العالم كله وتحدد الدول والشركات التي يُسمح لها في الحصول على عقود ومشاريع لاعادة بناء العراق ولا يتم الشيء نفسه لافغانستان!

ان تقول واشنطن انها على استعداد للسماح للشركات المستثناة بالعمل اذا ضغطت على دولها لترسل قوات عسكرية لتتحمل جزءا من المسؤولية في العراق، يعني ان الاوضاع الامنية غير مريحة اطلاقا، او ان الدول التي رفضت المشاركة في الحرب العسكرية لا بد ستشارك في النهاية، اذا فكرت بمصالحها الاقتصادية.

اذا كانت المرحلتان الاولى والثانية من الحرب على الارهاب لم تنتهيا بعد، الا ان الاحتمال وارد بأن تكون واشنطن وضعت خطة المرحلة الثالثة من هذه الحرب، التي سوف تستهدف النظامين في ايران وسوريا. هذا ما جاء في تقرير لمؤسسة الولايات المتحدة للسلام التي تعمل تحت اشراف الكونغرس الاميركي. ولان الولايات المتحدة لن تستطيع ان تجد اهدافا ارهابية تقصفها من الجو، فقد تقرر غزوا بريا للبلدين، «وعندها ستواجه مقاومة (...) اذ على الرغم من ان نظام الملالي في طهران لا يتمتع بشعبية فائقة، والنظام في دمشق معزول، الا انهما غير مكروهين في العالم كما كان حال نظام صدام حسين»، هذا ما اكده التقرير. قد يكون هذا التقرير من ضمن حملة الضغوط التي تمارس على سوريا وايران، او ربما لجس النبض، ومهما كان الهدف فان ما جاء فيه يبقى مغامرة خطيرة، ولم تتكشف بعد اخطار المغامرة على العراق وابعادها، ليس على المنطقة فحسب بل على الولايات المتحدة، التي تتصرف الآن بطرحها العروض والمشاريع باسم العراق وكأنه مقاطعة بورتوريكو، وتلجأ عسكريا الى تحريك مجموعة جديدة من القوات الخاصة (تاسك فورس 121) بهدف تحييد النشطاء بعد، من حزب البعث داخل العراق، إما بالقاء القبض عليهم او اغتيالهم، ويتحدثون في اميركا عن ان مهمة هذه المجموعة ستكون «الاغتيالات الوقائية». اذا كانت واشنطن لا تزال، بالنسبة الى العراق، في مرحلة تعريف الذين يقومون بعمليات ضد قواتها، واذا صح ما يتردد عن ان ايران تساعد وتدعم المقاومة السنية في العراق، وانها التي تحرك وتربك اوضاع القوات الاميركية في العراق، فكيف يخطر على بال واشنطن التفكير بتنفيذ المرحلة الثالثة من الحرب على الارهاب؟ تقرير مؤسسة الولايات المتحدة للسلام، يعتقد ان ايران وسوريا قد تلجآن الى حزب الله ليقوم بعمليات ضد المصالح الاميركية في الشرق الاوسط «وان حزب الله اخطر من القاعدة»، ولهذا يرى انه قد تضطر الولايات المتحدة الى غزو لبنان وسوريا معا! الم يشبع اللبنانيون من الحروب؟

بعد شهر تقريبا سوف تبدأ حملة الانتخابات الرئاسية الاميركية، فينصرف الرئيس الاميركي الى الاهتمام بالشؤون الداخلية وينتبه معاونوه الى ان تغيير الانظمة يتم بأساليب حضارية كثيرة ليست بالضرورة عسكرية يمكن ان تثبت تلك الانظمة وتطيح الاوطان.