مرشد الإخوان.. واستمرار الغموض

TT

حالة الإخوان المسلمين في مصر تشبه الى حد التطابق حالة الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي السابق. فالمكتب السياسي للحزب الشيوعي السابق في روسيا ومكتب الارشاد في جماعة الاخوان المسلمين المصرية هما جماعة من الشيوخ الطاعنين في السن، ومعظمهم في السبعينات من العمر، فقد توفي مرشد الجماعة المستشار مأمون الهضيبي عن عمر يناهز الثالثة والثمانين، وتولى منصبه قبل سنتين فقط، اي عندما كان سنه يتجاوز الثمانين. وقد ورث المنصب من سلفه الذي هو في الثمانين من العمر، اما من تم تعيينه بالتكليف لخلافة الهضيبي فهو محمد هلال وعمره ثلاثة وثمانون عاما ايضا، وسبب التعيين بالتكليف هو تعذر تعيين اكبر الاعضاء سنا وهو احمد حسنين الذي يعاني من امراض الشيخوخة وفقدان الذاكرة.

المجتمع المصري مجتمع شاب ونسبة الاطفال والشباب تمثل الاغلبية الساحقة في المجتمع، ولكن مشكلة الشيخوخة التي تعاني منها قيادة الاخوان المسلمين تدل على مدى الأزمة التي يعاني منها العمل الحزبي في مصر اجمالاً، فمعظم قيادات الاحزاب مصابة بالشيخوخة، وهي قيادات مهما كانت درجة اخلاصها، فانها بمعزل عن العصر وثورة المعلومات وطبيعة تفكير الاجيال الناشئة وتطلعاتها، وهو امر يفسر احد اسباب تخلف العمل الحزبي في مصر واغلبية الدول العربية الاخرى.

جماعة الاخوان المسلمين هي جماعة دولية وهناك رابط بين جماعات الاخوان في الدول العربية وبعض الدول الاسلامية، ولكن تنظيم الاخوان المصري مصمم على عدم تقلد اي شخص من خارج مصر منصب المرشد العام للاخوان. ومنذ بدأت الجماعة باختيار المرشد الاول حسن الهضيبي مروراً بالتلمساني وابو النصر ومشهور ومأمون الهضيبي، فان هناك موقفاً حاداً من التفكير في تقلد شخص من خارج مصر زعامة الجماعة. واول تصريح للمرشد الجديد قوله: «ان من الثوابت ان يكون المرشد العام من مصر لان مصر هي البلد الذي اسس فيه حسن البنا جماعة الاخوان عام 1928»، وهو امر يتعارض مع مبدأ الاممية الاسلامية ويطرح من جديد غموض دور المرشد، فهل هو زعيم روحي ام زعيم سياسي؟ وهل كلمته هي العليا ام ان مبدأ الشورى لدى الاخوان هو الغالب؟ وهل هو زعيم أممي اسلامي ام زعيم مصري؟ وهي كلها اسئلة غامضة تتفق تماماً مع مبدأ الغموض الذي ارتبط بمسيرة الاخوان، والذي جعل اكبر حزب سياسي في الشرق عاجزا عن تحقيق شيء من برنامجه وطموحه.