رعاية «الشباب»

TT

وسط الحديث المتزايد بالسعودية عن دور الشباب و«مشاكلهم» وحجم البطالة «بينهم» واصلاح المناهج التعليمية «لهم» يبدو واضحا وجليا غياب المعنيين بالامر عن ساحات الحوار والحل. ويبدو (نظريا على أي حال!) أن جهاز الرئاسة العامة للرياضة ورعاية الشباب هو المعني بالامر أي أمر الشباب. ولكن بمراجعة موضوعية ودقيقة لدور رعاية الشباب في مسمي الرئاسة نجده مغيبا تماما، مقارنة بالاهتمام المركز على الجانب الرياضي عموما وكرة القدم منه خصوصا. فرعاية الشباب كمفهوم فكري تشمل أموراً أوسع وأعم من الجانب الرياضي فقط، فهناك جوانب تعنى بالجوانب الاستشارية والتأهيلية لمواجهة مستقبلهم، مع عدم اغفال دور المنزل والأسرة والمدرسة بطبيعة الحال، رعاية الشباب كان من المفروض أن تقيم مراكز انشطة في الاحياء لتدعيم الفنون والموسيقى والآداب والمهارات الاعدادية وندوات تقدم عن قيم العمل واحترام الوقت وغيرها من المفاهيم الهامة التي تجعل تكاملا في شخصية الشاب والشابة من أبناء وبنات الوطن. رعاية الشباب كان من المفروض أن تساهم في تهيئة الشباب وملء وقت فراغه بخيارات تقدم له غير الرياضة. السعودية بلد نسبة نمو السكان فيه 3.4 في المائة وهي تكاد تكون الاعلى بين دول العالم وهي ايضا دولة تركيبتها السكانية يمثل الشباب دون العشرين عاما فيها ما يقارب الستين في المائة، وبالتالي يبدو بديهيا أن التحدي الاهم والاعظم هو الشباب ومستقبلهم وما الذي اعددناه لهم وكيف نؤهلهم لحياة كريمة وشريفة. انصب الاهتمام في الآونة الاخيرة على المناهج واصلاحها، وهو أمر صائب مائة في المائة ولكن من الضروري ايضا الاهتمام بالجانب الاجتماعي والحياتي للشاب والشابة. التعليم اهتم بالفتاة واتاح لها المجالات عبر السنوات الماضية، ولكن رعاية الشباب تتجاهل تماما وجود نصف المجتمع ولم تقدم أياً من البرامج أو الافكار لها. وبنظرة دقيقة على الجهاز الاداري القائم على رعاية الشباب اليوم نرى ان الامر بحاجة ماسة أن يطعموا بفكر شاب جديد وخلاق حتى يتمكن من التفاعل مع قضايا الشباب وتحدياتهم ومشاكلهم. الشباب بحاجة لصوت وآذان تسمعهم. ورعاية الشباب تبدو نظريا مؤهلة لذلك ولكن مع الأسف يبقى الجانب العلمي في واد بعيد جدا.

قضية الشباب هي قضية مصيرية وهناك العديد من المبادرات التي من الممكن أن تقدم باتجاه هذا الامر ودعمه. اهتمت رعاية الشباب قديما بموضوع افغانستان وخصصت جزءاً من دخل المباريات لصالح ذلك. هل من الممكن تخصيص جزء من دخل المباريات اليوم باتجاه مشروع شبابي وطني لدعم ابناء وبنات البلاد؟ كل الامل أن تبدأ رعاية الشباب بالتعايش مع قضايا الشباب والتفاعل معها عمليا، فالامر دقيق ويمسنا جميعا.

[email protected]