من يصدق..؟ نحن أيضا نتآمر على المستقبل باسم الولاء ..!

TT

لا بد ان يكون واضحا للجميع الان ان ما نجده في فريق بوش هو ادارة تعتمد على الولاء. فقد شنت حربا في العراق معتمدة على الولاء وعلى أساس معلومات استخباراتية معتمدة أيضا على الولاء، بخطة معتمدة هي الأخرى على الولاء لاعادة اعمار العراق، مدعومة بخفض الضرائب للحصول على ايرادات معتمدة مرة أخرى على الولاء. وهذه المجموعة تعتقد ان ما يهم في السياسة والاقتصاد هو القناعة والارادة، وليس الحقائق أو العلوم الاجتماعية أو التاريخ.

وشخصيا لا أعتقد أن فريق بوش سيدفع ثمنا سياسيا بعيد المدى على معلوماته المعتمدة على الولاء حول أسلحة الدمار الشامل في العراق. ويعتقد كثير من الأميركيين، وأنا من بينهم، في دواخلهم بأن ازاحة صدام كان الشيء السليم حتى اذا ما كانت المعلومات عن أسلحة الدمار الشامل خاطئة.

ان ضعف حصانة فريق بوش الحقيقية يتمثل في ميزانيات الدمار الشامل، التي عرضت، على نحو متهور، مستقبل البلاد الى الخطر، بخفض الضرائب والانفاق غير المنضبط. ويقول آخر تقرير من مكتب الميزانية في الكونغرس انه يتوقع أن يصل اجمالي العجز الى أو يقرب من 2.4 تريليون دولار خلال العقد المقبل، وهو ما يشكل زيادة تقرب من تريليون دولار بالمقارنة مع التوقعات التي كانت سائدة قبل خمسة اشهر فقط. وذلك اخفاق في المعلومات وفي التقدير السليم يهدد بجعلنا جميعا غير آمنين، ويشعر الناس بذلك في دواخلهم أيضا.

وكما أشار بيتر بيترسون، وزير التجارة في عهد نيكسون والمدافع الجريء عن المسؤولية المالية، في كتابه الذي يصدر قريبا والموسوم «استمرار الفراغ» فانه «في انتخابات الثمانينات أثار رونالد ريغان الناخبين الأميركيين بعبارته الشهيرة «أود أن أسأل كل أميركي: هل أنت افضل الآن مما كنت عليه قبل أربعة أعوام ؟» وربما تعين على بعض المرشحين المتوجهين الى المستقبل أن يعيدوا صياغة العبارة على النحو التالي: «أود أن أسأل كل أميركي، الشباب خصوصا: هل مستقبلك أفضل الآن مما كان قبل أربعة أعوام، حيث أنك الآن مثقل بالمسؤوليات الجديدة الكبيرة والضرائب العالية التي لابد أن تتوافق معها في نهاية المطاف؟».

وبينما يتهم بيترسون في كتابه الديمقراطيين والجمهوريين على السواء بالمشاركة في التآمر في اطار الحماقات المالية لأزمنتنا،، يتعين على الديمقراطيين أن يتبعوا سبيله ويجعلوا من ذلك شعارا لحملتهم: «هل مستقبلك أفضل الآن مما كان قبل أربعة أعوام ؟». ذلك هو ما يدور في أذهان الناس. ويتعين أن يقترن مع ملصق يقي من الصدمات: «اقرأوا ما هو مرسوم على شفاهي: ما من خدمات جديدة. وهب بوش كل الأموال». ولابد من دعمه ببديل ديمقراطي مسؤول حول الضرائب والانفاق.

ذلك هو السبيل الوحيد للكشف عما يفعله التحالف الفاضح للساخرين الذين يقودهم كارل روف، الذين لا يهتمون الا بالفوز في الانتخابات، والاقتصاديين السحرة الذين يبشرون باقتصاد العرض، وحمقى التحرير الذين يعتقدون أنهم بايرادات استقطاعات الضرائب يمكن التوصل الى انكماش الحكومة، بينما كل ما يفعله المرء هو نفخ بالون العجز، فماذا سيفعل كل هؤلاء لمستقبلنا. وأرجوكم أن لا تبلغوني بأن استقطاعات الضرائب تفعل فعلها. بالطبع تفعل فعلها ! واذا ما أدخل المرء هذه الحوافز الكثيرة في اقتصادنا، وهي ثلاثة استقطاعات ضريبية وسياسة نقدية سائبة وانفاق غير خاضع لضوابط، فان ذلك سيؤدي الى ازدهار. بوسع المرء أن يأكل عشر قطع من الشيكولاتة في الحال وسيحصل ايضا على فورة نشاط. ولكن بأي ثمن على المدى البعيد ؟

يجادل بيترسون قائلا «ببساطة شديدة فان اولئك الشباب الذين كانوا يرتدون السراويل العريضة الأطراف في الستينات قد نضجوا الآن تماما. فأكبر واحد فيهم، ولد عام 1946، هو على بعد ست سنوات من متوسط عمر التقاعد في اطار الضمانات الاجتماعية (63 عاما). ونتيجة لذلك فان برامج اعانة الرعاية الصحية والتقاعد ستعاني، في الحال، من نفقات المعونات المتسارعة. وهكذا فانه في الوقت الذي يتعين على الحكومة الفيدرالية مراكمة الفائض استعدادا لشيخوخة الأجيال الشابة، فانها منشغلة في تجربة أخرى طائشة بعمليات خفض الضرائب الدائم. ام ترى أن أميركا لا يمكن أن تجد مخرجا من انماط حالات العجز البعيدة الأمد التي تواجهها الآن. وتتزايد الفوارق الى حد أن التجارة المتضخمة وحالات العجز المالي، وما يسمى العجزين التوأمين، سيؤدي يوما ما الى انفجار يسبب انحدار الاقتصاد وليس صعوده».

ان اشخاص بوش أنفسهم الذين أكدوا لنا ان صدام كان يمتلك اسلحة دمار شامل يؤكدون لنا الآن ان ميزانيات الدمار الشامل هذه لا تهم. بالتأكيد. فبيترسون لاحظ انه «خلال حرب فيتنام قام المحافظون بالتشهير على نحو لا يرحم بليندون جونسون على موقفه اللامسؤول في المجال المالي. ولكنه لم يكن يريد سوى البنادق والزبدة، أي النجاح في اطار العسكرة ومعيشة السكان. واليوم فان من يسمون بالمحافظين يتجاوزون ليندون جونسون، اذ يجب أن يمتلكوا كل شيء: البنادق والزبدة واستقطاعات الضريبة».

وهذا ينم عن عدم شعور بالمسؤولية وسيؤدي الى المآسي. ويقول بيترسون ان عليكم أن تتذكروا ان خفض الضرائب على المدى البعيد بدون خفض الانفاق على المدى البعيد هو ليس خفض ضرائب. انه «تأجيل للضرائب»، حيث يولد العبء في مستقبلكم أو مستقبل اطفالكم.

اذا لم تكن هذه قضية انتخابية فانني لا أعرف ما تكون.

خدمة «نيويورك تايمز»