تنظيم مطلوب.. وبسرعة !

TT

تشهد وسائل الاعلام السعودية، بأنواعها، حملة اعلانات مكثفة عن الطب الجنسي المعني بامراض الذكورة للرجال والنساء، واصناف الفيتامينات والمقويات والمنشطات والشاي والعسل والعصائر المخصصة لهذا الأمر.

ويبدو ان «الهوس» الحاصل الآن والتركيز العجيب على الفحولة والوصول لها أصبح حالة نفسية ومن ثم تحول الى حالة اجتماعية غير عادية. ترجم ذلك الى أعلى نسبة نمو سكاني في العالم 3.4 في المائة، وهذا النمو المرتفع اصبح مصدر قلق على خطط التنمية، فهو يضع تحديات استثنائية على قطاعات التعليم والصحة والتوظيف بصورة عامة. واليوم يبدو ان الحديث عن حملة وبرنامج تنظيم للنسل اصبح مطلبا تنمويا وحيويا.

وبالرغم من حساسية التحدث في هذا الموضوع وحداثته الا ان هناك اكثر من دولة في العالم الاسلامي قامت بتجربة تحديد نسل كانت ذات نتائج لافتة ومهمة، ولعل التجربتين الانجح هما تجربتا ايران ومصر. ايران كانت لديها نسبة نمو سكاني كانت الأعلى في العالم تقارب الـ4 في المائة وتمكنت من تخفيضها الى 1.2 في المائة وهو انجاز جيد يحسب لها وساهم في تحسين ادارتها لنفقات التنمية.

أما التجربة المصرية فقد صاحبتها حملات توعوية واعلامية شعبية لتغيير نمطية تفكير وثقافة ترسخت عبر اجيال طويلة عن اهمية وضرورة الانجاب بأعداد كبيرة، وصاحب ذلك آراء فقهية من علماء أصحاب مكانة ورأي وثقة ومصداقية حولت تلك الحملة الى واقع حقيقي وملموس. وبعد ذلك دعمت تلك الحملة بعمل مؤسسي عن طريق مكاتب للصحة العامة الغرض منها تقديم الادوات المساعدة على تنظيم النسل بالاضافة للمشورة والمساعدة، وقد نجحت تلك الحملة في تقليص نسبة النمو المتزايدة.

لا بد ان نتحول من مجتمع مهوس بالفحولة ومليء بالذكورة، الى مجتمع معني بالرجولة، والرجولة هنا بمعناها الاخلاقي الذي يهدف الى تحمل المسؤولية بشجاعة وجدية. تحدي التنمية ومبدأ المشاركة في تحمل المسؤولية من أجل تحسين الفرص للكل هي مسؤولية مشتركة، وبرنامج تحديد النسل مطلوب على وجه السرعة في السعودية حتى لا تتفاقم الامور وتصعب السيطرة عليها. وكل الامل ان نستطيع اطلاق حملة عاجلة لمواجهة ذلك.