ورطة شارون والخروج من غزة

TT

حتى الآن لم يحدد الرئيس الاميركي، جورج دبليو بوش، موعدا لاستقبال رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، فالاخير متورط بفضيحة رشاوى ويتعرض لتحقيق جنائي ويحتاج الى ان يلتقيه الرئيس الاميركي فيخفف عنه العبء من جهة، ويناقش معه خطة الخروج من قطاع غزة من جهة اخرى.

منذ العام الماضي وشارون يقول انه ينوي الانسحاب من غزة.. اليمين الاسرائيلي يقول انه صعق، ويهدد بالانسحاب من الحكومة، لكن شارون يعرف انها مناورة خاسرة.

حزب العمل قال انه يدعم خطة الانسحاب، اما الفلسطينيون فقالوا على لسان جبريل رجوب، انها مناورة وعلى لسان صائب عريقات، انهم لا يصدقون. وحده احمد قريع قال انه خبر جيد، وهذه ردة فعل جيدة هي الاخرى، والجيد ان تسود، لأن المطلوب انهاء الاحتلال ولو على مراحل.

يعرف شارون ان الولايات المتحدة هي التي ستحسم موضوع الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، ولانه غير مرحب بخريطة الطريق، حيث ان اجتماعات الرباعية تتأجل في كل مرة، ولأن اوروبا تائهة وتبحث هي الاخرى عن سبل اعادة احياء العلاقات الحارة بينها وبين اميركا. ولان الفلسطينيين برؤوس كثيرة ومن غير رأس واحد يقرر، فـ «المقاطعة» بعد ان حجّمت «الرئيس» تكاد تحجّم القضية، فقد بعث شارون بالنقاط العريضة لخطته الى ادارة بوش في الشهر الماضي، حيث التقى مساعده دوف ويسغلاس مستشارة الامن القومي كوندوليسا رايس التي وافقت على دراسة تفاصيلها. وبعدما اعلن شارون في حديث الى صحيفة «هآرتز» عن استعداده لاخلاء المستوطنات من غزة قرر البيت الابيض ارسال عضوين من مجلس الامن القومي الى اسرائيل هما: اليوت ابرامز وستيفن هادلي.

لقد وضعت مجموعة من الخبراء الاسرائيليين برئاسة مدير الامن القومي الاسرائيلي، الجنرال جيورا ايلاند، مسودة لعدة خيارات لما يسمى بالانسحاب من طرف واحد، «اذا عجزت السلطة الفلسطينية عن التقدم بمبادرة خريطة طريق».

رغم تقصير السلطة في هذا الامر، فانه من الانصاف القول ان الاطراف الاربعة التي وضعت هذه المبادرة غير مهتمة بها، بدءا من الولايات المتحدة وصولا الى الامم المتحدة ومرورا بأوروبا وروسيا، فكل طرف بدّل في اولوياته، وكل يتطلع الى العراق وإن كان لأسباب مختلفة، واذا التفتت الاطراف الى القضية الفلسطينية الآن نلاحظ ان التركيز هو على الجدار، وليس الجدار بحد ذاته، بل مسار الجدار، بمعنى ان الكل موافق عليه كرادع ضد العمليات الانتحارية، انما غير متفقين على مساره.

ان الخيارات التي وضعتها مجموعة ايلاند تدعو الى انسحاب اسرائيلي من قطاع غزة والضفة الغربية، وتتضمن خطة شارون اخلاء 7500 مستوطن اسرائيلي من غزة في عملية سوف تبدأ في حزيران (يونيو) من هذا العام.

ويقيم المستوطنون في 21 موقعا داخل غزة، ويحتلون مع بيوتهم، والاراضي الزراعية الملحقة بها، ما معدله ثلث مساحة القطاع البالغة 300 كيلومتر مربع، وتشمل الخطة ايضا اخلاء 13 مستوطنة من الضفة الغربية، وهي المستوطنات المعزولة الواقعة شمال ووسط الضفة. وهناك خيار ثالث يتضمن انسحاب الجيش الاسرائيلي من مواقعه في غزة، على ان يعيد الالف جندي انتشارهم على حدود 1967 شرق قطاع غزة.

في حديثه الى صحيفة «هآرتز» يوم الاثنين الماضي قال شارون: «ان خطة الانسحاب ستنفذ بموافقة ودعم اميركا (....) اننا في حاجة الى دعمها».

يجري الحديث الآن عن التحضير لعقد اجتماع بين شارون واحمد قريع، وعلى القادة الفلسطينيين ان لا يضعوا العصي في درب قريع، وان نسبة عالية من الاسرائيليين تؤيد الانسحاب، ويتزايد عدد الجنود الاسرائيليين الرافضين للخدمة في الاراضي المحتلة، والسياسة فن الممكن، والتفاوض ليس خيانة كما يوحي البعض للفلسطينيين. فليفاوضوا علنا، لان الكثير من «ناصحيهم» يفاوضون سرا.. وقد آن للشباب الفلسطيني ان يرفض المتاجرة به.