هذا هو المطلوب يا عرب..!

TT

أيها السادة الأعزاء: أنا واثق من أنكم شاهدتم الأنباء التي أشارت الى أن الزعيم الاسرائيلي أرييل شارون قرر الانسحاب من جانب واحد من معظم المستوطنات في قطاع غزة ونقل اخرى في الضفة الغربية. وهذا يقدم فرصة هائلة ومخاطرة كبيرة لاسرائيل والعالم والعربي ولنا. ويجب علينا العمل من أجل صياغة المسألة على نحو سليم.

لنبدأ بالمخاطرات. لا تعتقدوا أنني سعيد بكيفية الكشف عن خطة شارون. فكروا بالأمر: في الصيف الماضي اختار الفلسطينيون رئيس وزراء ومسؤولا أمنيا جديدين، هما محمود عباس ومحمد دحلان، كبديلين معتدلين لياسر عرفات، وهم بالتحديد من ذلك النمط من الناس الذين رغبت في العمل معهم.

وحفزت شارون على أن يكون مستعدا للمساعدة ويحاول أن يعزز موقع عباس، حتى يمتلك المصداقية للتعامل مع حماس وعرفات. ولم يقدم شارون له فعليا أي شيء بشأن المستوطنات أو التخفيف من نقاط التفتيش الاسرائيلية على الفلسطينيين، فيما طلب عباس بشأن السجناء الفلسطينيين تعهدا اسرائيليا باطلاق سراح عدد كبير منهم، الأمر الذي كان من الممكن له أن يمنح عباس مصداقية في الشارع. وبدلا من ذلك أطلق شارون سراح مئات عدة ولم يكن بينهم أي من كبار المقاتلين وبعضهم مجرد مجرمين. وهكذا تمكن عرفات من تدمير عباس بسهولة بتصويره ألعوبة بيد الولايات المتحدة واسرائيل.

والآن تتسارع الأمور. فقد قام شارون أخيرا بتبادل أسرى مع حزب الله، المنظمة الاسلامية اللبنانية، التي تدعم ازالة اسرائيل من الخريطة. وقدم شارون لحزب الله 400 سجين فلسطيني و23 سجينا لبنانيا مقابل اسرائيلي واحد حي وثلاث جثث. وجعل اطلاق سراح أولئك السجناء من حزب الله بطلا في الشارع العربي. وبعد أيام عدة أعلن شارون خطته لانسحاب من جانب واحد من غزة، وهو ما يشكل تعزيزا كبيرا لجماعة حماس، التي ستنتزع مصداقية جراء دفعها اسرائيل الى الخروج مقابل لا شيء.

تصوروا لو أن شارون كان قد جاء الصيف الماضي وقال لي: «أيها الرئيس بوش أنا مستعد لابلاغ العالم بأنه استجابة لتحفيز أميركا سأمنح عباس قطاع غزة، واخرج من معظم المستوطنات هناك، وأطلق سراح مئات السجناء الفلسطينيين واللبنانيين المهمين. ومقابل ذلك أتوقع من عباس أن يتخذ موقفا حازما من حماس ويحفظ الأمن في غزة. وسيكون هذا اختبارا: غزة أولا. واذا ما أثبت المعتدلون الفلسطينيون أن باستطاعتهم التحكم بذلك، فسنتحدث، من ثم، عن الضفة الغربية. واذا لم يتمكنوا فلننس الأمر». لو ان شارون فعل ذلك لكان قد أعطى دفعة كبيرة لمصداقية الولايات المتحدة في العالم العربي والاسلامي، بالتحديد في الوقت الذي كنا بحاجة ماسة الى ذلك، ودفعة كبيرة للمعتدلين الفلسطينيين. ولكن بدلا من ذلك عزز شارون مواقع حزب الله وحماس. وكما كتب المحلل العسكري الكبير في اسرائيل زائيف شيف في صحيفة «هآرتس» فانه اذا ما كان شارون، مباشرة بعد تعيين محمود عباس كأول رئيس وزراء فلسطيني، قد أعلن قرارا مبدئيا باخلاء معظم المستوطنات اليهودية في قطاع غزة، واذا ما كان قد أطلق، في الوقت نفسه، سراح مئات من السجناء الفلسطينيين ـ (كما فعل) تحت ضغط حزب الله ـ واذا ما كان قد دعا الى استئناف المباحثات، فانه من المنطقي أن يفترض المرء أن عملية السلام كانت ستبدو مختلفة تماما الآن».

ولهذا فانني أتوجه اليكم أيها الزعماء العرب قائلا ان شارون ليس هو الوحيد الذي لم يفعل أي شيء لمساعدة عباس والمعتدلين الفلسطينيين. أنتم أيها العرب لم تفعلوا شيئا، وهو ـ في الحقيقة ـ ما فعلته أنا أيضا. لهذا فانني أقدم هنا ما أقترح اصلاحه: أنتم تعقدون قمة عربية في مارس (آذار) المقبل. وأريد منكم أن توجهوا لي ولشارون الدعوة لحضور قمتكم.

وأريد منكم أن تقدموا لشارون، وجهاً لوجه، خطة السلام التي اقترحها ولي العهد السعودي، الأمير عبد الله، التي كنتم قد تبنيتموها كمبادرة للجامعة العربية: التطبيع الكامل مع اسرائيل مقابل انسحاب كامل من الأراضي.

لقد سئمت من ابلاغكم لي ما يتعين علي أن أفعله اذا لم تكونوا مستعدين لتقديم خطتكم الخاصة بالسلام مباشرة الى رئيس وزراء اسرائيلي ـ الأمر الذي يمكن أن يحفز العملية بأسرها ـ فلن أبدد وقتي معكم. ولكن اذا ما قدمتم اقتراحكم ـ وهو السبيل الوحيد لتنشيط الرأي العام الاسرائيلي،واعادة توجيه مبادرة شارون نحو مسار يمكن أن يعزز مواقع جميع المعتدلين وموقف أميركا ـ فانني، بالتالي، سألقي بكامل ثقل حكومة الولايات المتحدة خلف ذلك.

انه وقت العمل أو السكوت. ان شارون، البلدوزر، يمضي الى أمام. فاما أن تتصرفوا لاعادة توجيهه، أو أننا جميعا سننحدر. لقد أخطأ عمود الخامس من فبراير (شباط) الحالي بالقول ان أرييل شارون لم يطلق سراح سجناء فلسطينيين في عهد محمود عباس. لقد فعل ذلك. وكان العدد محدودا جدا بحيث لم يترك أثرا. أنظروا أعلاه.

* خدمة «نيويورك تايمز»