فعلا.. الناس مقامات!!

TT

زيارة وفد الصليب الاحمر الدولي لصدام حسين للتأكد من ظروفه الصحية والنفسية، وللتأكد من ان سجانيه يعاملونه ضمن القانون، تدل على ان الناس مقامات، فالذين زاروا صدام لم يستطع احد منهم ان يزور عشرات الالاف من الذين سجنهم صدام، ولم يهتم احد بالالاف ممن قتلوا في السجون، ولم يتحدث العالم عن مقابر صدام الجماعية. وكل البشر الذين قتلهم صدام او اخفاهم او ارسلهم الى حروب عدمية ليس لهم ملفات في مقر الصليب الاحمر الدولي وكل الجرائم التي ارتكبت ضدهم سجلت ضد مجهول!!

هكذا، فالناس مقامات، والدنيا حظوظ، والا كيف نفهم ان سجناء جوانتنامو من الجنسية البريطانية يتم اطلاق سراحهم وتسليمهم الى حكومتهم بينما يظل الآخرون من المنتمين الى العالم الثالث او الرابع دون محاكمة. وصحيح ان عددا كبيرا من هؤلاء السجناء قتلة وارهابيون، ولكن بالتأكيد فإن من بينهم ابرياء، وفي النهاية لا بد من محاكمة الجميع محاكمة عادلة حتى نتأكد من كل التهم الموجهة اليهم!!

الغريب انه حتى الجدران مقامات وحظوظ، فالعالم كله عمل على ازالة جدار برلين كرمز لانقسام العالم الى معسكرين، وكرمز للانظمة الشمولية. والعالم كله ادان جدار وارسو الذي اقامه هتلر لقتل الابرياء من اليهود، والحركة الصهيونية تاجرت وما زالت بقضية جدار وارسو، وصحيح انه جدار اجرامي اقامه هتلر لتنفيذ مذبحته، ولكن ماذا بشأن الجدار الذي اقامه ابناء واحفاد ضحايا هتلر على الاراضي الفلسطينية، ألا يستحق هذا الجدار ادانة، وخاصة انه لا يقام داخل الاراضي الاسرائيلية بل على بيوت ومزارع الفلسطينيين وعلى ارض محتلة!!

والناس مقامات ليست قضية غربية، وليست مجرد مؤامرة من الاقوياء ضد الضعفاء، فالعرب ايضا يؤمنون ان الناس مقامات، بعض العرب يطالب بالديمقراطية في العراق وبلده يحكمه الحزب الواحد والرأي الواحد والسجن الواحد، وهناك ستمائة محام عربي وقعوا عريضة للدفاع عن صدام حسين رغم انه قاتل ومستبد، ولكن كم محام عربي وقع للدفاع عن البرغوثي في سجون اسرائيل رغم انه مناضل!!

ليبيا دفعت ملايين لكل اسرة من ضحايا لوكربي، ولكن لا احد يعوض المواطن الليبي او العربي عن كل ما مورس ضده من قهر!!

الدنيا مقامات.. أليس كذلك!!