جيمس بوند وما الجديد؟

TT

كلير شورت، الوزيرة السابقة التي فرقعت قضية التجسس ضد رئيس الوزراء البريطاني، كانت في العام الماضي ضيفة على العشاء عند السفير السعودي السابق، الوزير الحالي، غازي القصيبي، الذي دعا اليه عددا من السياسيين والدبلوماسيين. وبدت لي الوزيرة متعقلة بخلاف صورتها الغوغائية التي نعرفها عنها. قالت كلاما ينسجم مع الاحداث التي سبقت الحرب على العراق بعام. قلت يا لها من امرأة مظلومة شوهوا صورتها حتى شاهدتها بعد اسبوع تصرح للتلفزيون بحديث يخالف حديث العشاء، فكانت سيدة بشخصية أخرى.

لهذا عندما اخرجت من حقيبة يدها رواية تقول ان بلير يتجسس على الامين العام للأمم المتحدة بات واضحا انها تنشد معركة تريد بها اسقاط رئيس الوزراء الذي اصبحت في قطيعة معه لا يمكن اصلاحها.

وشورت، التي توصف بالقنبلة الموقوتة، احدثت الكثير من الاضرار حتى لحزبها العمالي الذي يعاني من شروخ بسبب تعدد المتمردين على رئيس الوزراء وهي تهدد بالمزيد من الانفجارات الكلامية ضده.

وقصتنا ليست مشاكل حزب العمال وحماقات الوزيرة السابقة بل حادثة التنصت على مسؤول الامم المتحدة وفق رواية السيدة شورت. فهل صحيح انهم يتجسسون على كوفي عنان؟

رغم نفي الحكومة البريطانية فان اجهزتها قطعا تحاول التجسس على الامين العام وكبار مساعديه واعضاء مجلس الامن الآخرين وعدد من السفارات ويفحصون الطرود البريدية ويقرأون الرسائل المفكسة والالكترونية ويزرعون ضباط مخابرات كسائقي سيارات وخدم. وهي ليست الوحيدة. كلهم يفعلون الشيء نفسه وينكرونه رغم انه مخالف للقوانين الدولية التي تنص على حماية البعثات والمؤسسات الدبلوماسية والدولية.

نعلم ان جمع المعلومات من قبل الاجهزة في الدول الكبرى لا تستثني احدا، تقريبا، وفي مقدمتهم الامين العام للأمم المتحدة نفسه. وكما قال بطرس غالي، الامين العام السابق، فانه كان يظن دائما ان احاديثه تسجل من قبل كل الدول الدائمة في مجلس الأمن، ولا اتصور ان كوفي عنان يخالجه شعور آخر.

فكل يتجسس على الآخر والامين العام للامم المتحدة ليس جديدا على المهنة وكثرة المهتمين بمعرفة ما يدور في مكتبه. ولا بد انه يسكت جلساءه ان هموا بالحديث عما يخشى فضحه، وكأنني به يشير الى ضيوفه واصبعه الى السقف، محذرا بان للجدران آذاناً، ثم يصحبهم الى مقهى خارج محيط المبنى على أمل الا يوجد هناك من يوجه اليه لاقطة اصوات يسجل حديثهم.

لهذا لا قيمة للقنبلة الصوتية التي فجرتها الوزيرة السابقة الناقمة، لن تمنع التجسس ولن تسقط رئيس الوزراء وليست دليلا على عدم مشروعية الحرب، مجرد فضيحة أخرى تسبب حرجا وتديم النزاع داخل الحزب.