رعاية الشباب في السعودية

TT

يمثل الشباب الثروة الحقيقية للأمة، وهم في الوقت نفسه يحتاجون إلى الكثير من الجهود لتعبيد الطريق السليم أمامهم وإتاحة الفرص الخلاقة لتبوئهم مواقع العمل والمسؤولية. وقد كتب حسين شبكشي في «الشرق الأوسط» العدد 9190، الصادر يوم الاثنين 4/12/1424هـ الموافق 26/1/2004، مقالاً عن رعاية الشباب في السعودية.

وأتفق مع الأخ شبكشي في الأهمية الاستراتيجية لدور الشباب، والعناية اللائقة بهم، وبما ينتظرهم من أدوار ومسؤوليات. غير أنه ينبغي التذكير بالأعمال الجليلة التي قامت بها الرئاسة العامة لرعاية الشباب، بقيادة الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ ومن ثم الأمير سلطان بن فهد بن عبد العزيز، وهو ما اطلعت على جزء كبير منه بحكم مسؤولياتي وكيلاً للرئيس العام لشؤون الشباب، فقد اعتنت بالجوانب الثقافية بكافة مجالاتها الإبداعية من فكرية وأدبية وثقافية وفنية، اضافة الى الجوانب الاجتماعية، بهدف ادماج الشباب في خدمة المجتمع.

وفي المجال الثقافي، أسست الرئاسة الأندية الأدبية وعددها الآن في السعودية 13 نادياً، وجمعية الثقافة والفنون وفروعها البالغ عددها 12 فرعاً. وهذه المؤسسات الثقافية تقوم على رعاية مواهب المبدعين الشباب وطباعة إنتاجهم وتنظيم الأمسيات الأدبية لإلقاء نصوصهم وبرمجة نتاجهم الفني وندبهم لحضور المهرجانات الخارجية واصدار المجلات المتخصصة في الآداب والفنون الموسيقية والتصوير والمسرح، ويستفيد من هذه المؤسسات الثقافية نخبة الشباب السعودي. أما القاعدة فيتم الاعتناء بها عن طريق 153 نادياً رياضياً ثقافياً اجتماعياً منتشرة في جميع أنحاء السعودية، هي في الواقع ليست أندية مختصة بالرياضة، ولكن، لها أدوار اجتماعية وثقافية وفنية. والإدارة العامة للنشاطات الثقافية في الرئاسة، تشرف على نشاطات الأندية ومكاتب الرئاسة في هذا الميدان، ومن الفاعليات التي يمكن ذكرها، المسابقات الثقافية على مستوى المنطقة وعلى مستوى السعودية، والتي تُعنى بالقرآن الكريم والقصة والشعر والبحوث والمقالة، وكذا المباريات الثقافية التي تُعنى بتنمية وإبراز ثقافة الشباب، والمسابقات المسرحية على مستوى الأندية وعلى مستوى مكاتب المناطق، ومعارض سنوية للفن التشكيلي المعاصر ومعارض شخصية فردية للمبرزين، ومهرجانات لمسرح الشباب والأطفال ومشاركات متنوعة وحافلة في مختلف المهرجانات الوطنية، مثل المهرجان الوطني للتراث والثقافة وغيره، وأسابيع ثقافية محلية وخارجية، اضافة إلى إدارة التراث والفنون الشعبية التي تُعنى بالفرق الفنية الشعبية ومشاركاتها الداخلية والخارجية.

وعلى المستوى الاجتماعي تشرف ادارة النشاط الاجتماعي والمعسكرات في الرئاسة على ألوان عديدة من الفعاليات التي تهدف إلى إدماج الشباب في مجتمعهم وصقل مهارات العمل الاجتماعي والتفاعل مع مناسباته الوطنية، ومن ذلك معسكرات الخدمة العامة والمعسكرات الترويحية والمعسكرات الكشفية ومعسكرات خدمة البيئة، اضافة الى الرحلات الشبابية على المستوى المحلي والوطني والدولي.

ففي عام 1424هـ، نظمت 10 رحلات داخلية للمكاتب بواقع 20 شابا في كل رحلة، و8 رحلات مركزية للشباب إلى مختلف المناطق الوطنية بواقع 40 شابا في كل رحلة، ونظمت 7 رحلات خارجية إلى مصر وكوريا واليمن وبريطانيا والمغرب واليابان وسورية بواقع 12 شابا لكل رحلة.

وعلى مستوى المعسكرات، أقيمت خلال العام 5 معسكرات شبابية ترويحية على المستوى الوطني نظمت فيها البرامج الثقافية والترويحية كافة، واشترك في كل معسكر ما بين 100 و120 شابا، وأقامت مكاتب الرئاسة 23 معسكراً مناطقياً بواقع 30 شاباً في كل معسكر، وأقامت الأندية الشبابية 95 معسكراً محلياً.

وفي المجال الكشفي، أقيمت 10معسكرات، منها 6 لخدمة حجاج البر وفي المشاعر المقدسة، كما أقامت مكاتب الرئاسة 14 مخيماً، والأندية 19 مخيماً. وتنوعت اهتمامات هذه المعسكرات بين تنمية المهارات الكشفية والصقل والمعسكرات الخلوية، كما اقيمت 3 معسكرات لخدمة البيئة. وفي مجال الخدمة العامة شارك الشباب من خلال الرئاسة في اسابيع التوعية العامة لأهداف التشجير والتوعية المرورية وترشيد المياه وغيرها.

ولا يفوتني ان أشير إلى أن الرئاسة تشرف على الجمعية العربية السعودية لبيوت الشباب، التي شكلتها الرئاسة وافتتحت لها عشرين بيتاً في مختلف مناطق السعودية، وبلغ عدد المستفيدين منها في عام 1421/ 1422هـ، اكثر من مائة وأربعين ألف شاب، حيث تقام المناشط الثقافية والرياضية، كما تحتوي مراكز علمية لتنمية مهارات الشباب في التصميم والاختراع، كما تشرف الرئاسة على عدد من الجمعيات النوعية للهوايات الشبابية مثل الجمعية السعودية لهواة الطوابع وجمعية هواة الحمام الزاجل، بالإضافة إلى 27 اتحاداً رياضياً تنظم مسابقاتها على مدار العام.

وقد دشنت الرئاسة اربعا من الساحات الشعبية التي تستهدف الوصول للقاعدة العريضة من الشباب ممن لا يلتحقون بالأندية، وتحتوي على مكتبات وملاعب وحدائق وخدمات عامة، وأقيمت داخل الأحياء السكنية في الرياض والقطيف وأبها. وقد أقامت الرئاسة معهداً متخصصاً لتأهيل الكفاءات الشبابية في مختلف قطاعات العمل الشبابي، وهو معهد اعداد القادة الذي ينظم برامج تدريبية على مدار العام لصقل العاملين في القطاعات الشبابية عامة.

ان البرامج والفعاليات التي تنظمها المؤسسات الشبابية والثقافية التابعة لرعاية الشباب، اشترك فيها آلاف الشباب السعودي، بل والعربي، وإيماناً من الرئاسة بدورها العربي استضافت السعودية مهرجان الشباب العربي عام 1404هـ، ومنتدى الشباب العربي في عام 1422هـ، وهذا يعكس الاهتمام الذي توليه الحكومة السعودية ممثلة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب لشرائح الشباب بكافة أعمارهم وميولهم.

ونحن نتفق مع الأخ شبكشي في أهمية إيلاء الشباب عناية أكبر، والرئاسة العامة لرعاية الشباب تعيد تقييم استراتيجيتها لمزيد من الفاعلية في برامجها الشبابية والرياضية، ونحن نتطلع إلى دعم مادي أكبر لتتسع رقعة الفاعليات الشبابية، لكي نحتضن أكبر قدر ممكن من الشباب السعودي في برامجنا.

لكن هناك مشكلة أخرى ينبغي توضيحها، أن جلّ الفاعليات الشبابية (عدا الرياضية) لا تنال الاهتمام اللائق بها من وسائل الإعلام، كما أنه لا يوجد ما يمكن تسميته بـ الإعلام الشبابي الموجه لشرائح الشباب بخاصة، الذي يمكن أن يتفاعل مع البرامج الشبابية ويناقش المشكلات الحيوية التي تواجه الأجيال الجديدة، التي تطرحها بعض مؤسساتنا الثقافية والشبابية. ويبقى صداها محصوراً في من يشاهدها ويشترك فيها. لذا، فإن للإعلام المسموع والمرئي والمقروء، دورا في إثارة الاهتمام بالمتوفر من البرامج الشبابية في ألوانها كافة، وصولاً الى جرعات أكبر من التفاعل والاتساع لرقعة الفاعليات الشبابية التي تعالج قضايا الأجيال الجديدة.

* وكيل الرئيس العام لرعاية الشباب لشؤون الشباب