الترابي.. كلمات متقاطعة

TT

مواقف حسن الترابي تشبه الكلمات المتقاطعة، وكلما تحدث الرجل يثير وراءه زوبعة من المواقف التي يصعب فهمها، وهو لا يرى تناقضاً في ان يقول الشيء وضده في نفس الوقت، وبالتأكيد فإن هناك مدرسة فكرية في حياتنا تنطلق من فكرة ان الناس ذاكرتهم ضعيفة او انهم بلا ذاكرة اصلاً.

في حديثه المطول مع صحيفة «السياسة» الكويتية يبرئ الترابي، اسامة بن لادن من احداث 11 سبتمبر، ورغم ان بن لادن نفسه وفي اشرطة مسجلة باسمه يتبنى العملية ورغم اطنان المعلومات عن دور تنظيم القاعدة، فإن حسن الترابي مصر على ان بن لادن بريء وانه «فرح بالأحداث ولكن لم يفعلها». ويكشف لنا حسن الترابي حقيقة جديدة وهي ان من قام بأحداث 11 سبتمبر هم «بناة الثقافة الاميركية وقد غضبوا على الولايات المتحدة وفعلوا ما فعلوه» اما من هم هؤلاء، فليس مهماً، المهم هو ان بن لادن بريء من العملية!!

كلنا يتذكر حكاية الانقلاب العسكري الذي قامت به جماعة حسن الترابي، وكيف انهم استخدموا الرئيس البشير كواجهة سياسية، وكلنا يتذكر ان جماعة الترابي يتهربون من ذكر وقائع ذلك الانقلاب، الا ان حسن الترابي يعيد تذكيرنا بالحكاية من دون ان يشعر بحرج امام جمهوره وامام حزبه فهو يقول «جئنا بالبشير وادخلنا انفسنا السجن كي لا يشعر احد بقيام دولة اسلامية، ومع ذلك غدر البشير بنا وبالدستور». وبالتأكيد فإن هذه الجرأة يحسد عليها حسن الترابي، فكيف يمكن لسياسي ان يقول انه قام بمؤامرة او تمثيلية، وانه سجن نفسه ووضع واجهة اخرى هي الرئيس البشير، ثم بعد ذلك يتوقع الترابي ان يثق به الجمهور، وما الذي يمنعه من ان يفعل شيئا مشابها وهو الذي صرح قبل ايام انه تاب عن الانقلابات العسكرية!!

حديث الترابي يستحق القراءة وخاصة لهواة الكلمات المتقاطعة، فالرجل يتحدث عن علاقاته بصدام وكيف انه كان يسمع منه ولا يطيعه، وعلاقته بابن لادن واستثمارات بن لادن في السودان، وعلاقاته بالقذافي وكيف «ان القذافي يكره الافارقة». وينقل الترابي رواية «غير مؤكدة»، مفادها ان القذافي هو الذي وشى بعالم الذرة الباكستاني عبد القدير خان لدى الاميركان. وكلام آخر طويل يؤكد ان افضل موقف يمكن ان يتخذه الترابي هو الصمت.