إسعافات غير أولية

TT

الحوادث في السعودية عموما وحوادث السير منها بشكل خاص تتطلب توفير قدر هائل من الخدمات المساندة، ولعل أهمها دون شك هي خدمات الاسعاف. وفكر علاج الطوارئ قد تطور في العالم تطورا هائلا وأصبح يعتمد على تقنية متطورة يتم ربط مناطق معينة بكافة سيارات الاسعاف عن طريق أجهزة رصد المواقع بالقمر الصناعي، وعليه فان امكانية اعطاء الأمر لاقرب سيارة مجهزة أن تكون في الموقع في أقرب فرصة بدلا من الانتظار والمنع من الاقتراب أو نقل المصاب حتى قدوم الاسعاف الرسمي (مهما طال الانتظار وبلغت الحالة من الحرج والخطورة الشيء الكثير)، اضافة الى خدمة متصلين هائلة يتلقى الرد الهاتفي أخصائي يعرف كيف يتعامل مع المتحدث المصدوم (فعليا ونفسيا) بصورة يبعث فيه الطمأنينة وايضا الحل العملي الفوري. أضيفت الى ذلك طبعا خدمات الاسعاف الطائر والذي يعتمد على طائرات مروحية داخل المدن وطائرات اخلاء طبي ما بين المدن والقرى للتعامل مع الحالات الحرجة. ويضاف الى ذلك بنك الدم بتجهيزات عالية وامكانيات كبرى لتلبية الاحتياجات بافضل أسلوب وأسرع طريقة. هناك العديد من «خدمات الاسعاف» التي تقدم من قبل مستشفيات ومستوصفات ومراكز طبية في البلاد، الا أنها في معظمها تحمل الطابع العشوائي وغير المنظم ولا المؤهل فنيا. هناك انتقاد كبير لجاهزية السيارات نفسها ووجود أحدث وسائل السلامة والتجهيزات الفنية الخاصة بحالات الطوارئ وهناك نقد آخر لمؤهلات وقدرات التدريب لدى الطاقم الطبي بجهاز الاسعاف ولكن الشكوى الأكبر تبقى سرعة التلبية بعد وقوع الحادث. فالشكوى في هذا السياق كبيرة والعديد من الحالات يؤكد ذلك.

جمعية الهلال الاحمر السعودي انشئت لأهداف معينة واليوم يبدو أن الأهداف الرئيسية لانشائها بحاجة لاعادة قراءة دقيقة. ولعل أول الأمور التي بحاجة لقراءة جديدة هو دور الجمعية اليوم في خدمة الاسعاف نفسه. لعل الدور الأهم الذي من الممكن أن تلعبه الجمعية هو دور تنظيمي وتشريعي لمقدمي الخدمة من المستشفيات والمراكز الطبية، وأن يكون تقديم الخدمة مبنيا على أسس مهنية مقننة تحمي المتعامل معها بسوية وحق. وطبعا في ظل غياب نظام التأمين الصحي الذي كان من المفروض أن يصدر منذ فترة، لن يكون لهذا الاقتراح الجدارة والفعالية المطلوبة، فنظام التأمين يوفر الغطاء النظامي والملاءة المالية التي تغطي تكاليف والتزامات هذه المنظومة الجديدة الخاصة بصناعة الاسعاف.

إذا كان ظهور الهلال الأحمر السعودي في المحافل الرسمية كالحج واللقاءات الرياضية هو الصورة الأهم في الذهنية السعودية لهذه المؤسسة الا أن «واقع» العلاقة ما بين أطياف المجتمع وبينها بحاجة لتطوير جذري. فاليوم الجمعية مطالبة بأن يتحول دورها الى منظم لهذه المهنة والى توعية المجتمع عن أهمية الاسعاف وتثقيف الناس عن ذلك واطلاق حملات تبرع دم واعضاء بشكل منظم ومؤسسي. الاسعاف عنصر حيوي في أي مجتمع متحضر ومن الممكن أن يلعب دورا حيويا وهاما فيه، والمطلوب اعادة النظر في الأهداف والوسائل لذلك حتى نتمكن من تحقيق هذا.