أشرطة بن لادن

TT

كل شريط صوتي، مع انقطاع اشرطة الفيديو لاسباب مفهومة، يهدينا معلومات جديدة عن اصحابها، قادة تنظيم القاعدة. الشريط الذي سبق الأخير اكد بشكل قاطع ان ايمن الظواهري، الرجل الثاني او الاول في التنظيم، لم يكن محاصراً ولا مصاباً كما اشيع إبان الحملة الباكستانية على منطقة الحدود مع افغانستان.

الا ان الشريط الاخير الذي ظهر بصوت اسامة بن لادن شخصياً اهدانا جملة استنتاجات اخرى اكثر اهمية. ليس حياً فقط، وغير معتقل بخلاف ما يقال انه في قبضة الايرانيين، بل كشف عن تبدل مهم في فهمه للعالم.

فالشريط محاضرة «اخلاقية» على غير عادة اشرطته السابقة من نداءات الحرب ودعوات الجهاد. يمكن ان نلمس فيه تراجعات واضحة ابرزها اقتراحه الهدنة، والتوصل الى انهاء حالة الحرب خاصة مع الاوروبيين الذين شددوا على ملاحقة المنتسبين لـ«القاعدة»، وثالثاً اقتراحه بتشكيل لجنة لتثقيف الغربيين عن الاسلام.

لا يمكن ان يقول احد ان هذا هو بن لادن الذي عرفناه خلال السبع سنوات الماضية، وتحديداً، منذ هجمات 11 سبتمبر 2001. فجميع ادبياته المسجلة، على اعتبار ان ما ينسب اليه من خطب مكتوبة قد لا تكون صحيحة، تسير في خط واحد.. الجهاد والجهاد فقط من اجل الوصول الى مطالبه، والتأكيد على الشهادة لا التصالح.

فهل الشريط الاخير يعبر عن اعتراف زعيم التنظيم بان احلامه تحطمت وتحول الى المهادنة، ام انه اكتشف فداحة الخطأ الذي ارتكبه من خلال عمليات التدمير التي اكتسحت العالم باسم الاسلام وقلبت المعمورة ضد المسلمين في كل مكان؟ ام انها مناورة ليس إلا؟

لا ندري، لكن ما تقوله الاحداث المتراكمة ان «القاعدة» خسرت ارضها الحرة الوحيدة، افغانستان، وحكومتها الواجهة الوحيدة، طالبان، وتم الامساك بمئات من شبابها في افغانستان ونحو عشرة بلدان اخرى، وانتهت صفوة من قادتها مثل سيف العدل وابو غيث وغيرهما في قبضة الايرانيين، وهذه رواية مؤكدة. وفوق هذا كله لا ننسى ان الرأي العالم الاسلامي، في معظمه، انقلب ضد «القاعدة» بعد ان اصابت عملياتها بلدانهم مثل ما حدث في السعودية والمغرب واندونيسيا.

في تصوري ان بن لادن عرض الهدنة لانه ادرك حالة التراجع التي اصابت جماعته، وهي رغم وجود بضع خلايا حية قادرة على إحداث اضرار اخرى في العالم، الا انها لم تعد التنظيم المتماسك القادر على زلازل كبيرة، ولا تستطيع قياداته النوم في اي كهف بلا خوف من طامع في الجائزة الكبرى.