سياسة أميركية داخلية

TT

هناك مشكلة اخلاقية في الانتخابات الاميركية تتعلق بتسابق السياسيين لتأييد اسرائيل بشكل متطرف وأعمى، املاً في كسب تعاطف اللوبي الصهيوني المؤيد لاسرائيل في الولايات المتحدة. وحول مسألة تأييد اسرائيل تبقى المصالح الاستراتيجية الاميركية في آخر القائمة، ولا يهم إن أدى الموقف من اسرائيل الى الاضرار بمواقف الولايات المتحدة واحراجها امام العالم وتراجعها عن خيارات السلام في الشرق الاوسط، بل المهم هو نتيجة الانتخابات.

موقف الرئيس بوش الحالي هو امتداد لمواقف كل الرؤساء الاميركيين من دون استثناء، والفرق ان الضغوط الانتخابية على بوش قوية من جانب الحزب المنافس، وهو يواجه مشكلات في العراق، ومشكلات في تفعيل مشروع خريطة الطريق ومشكلات داخلية، وهو يعلم كما يعلم المرشحون السابقون للرئاسة ان كسب قلوب جماعة اسرائيل في اميركا هو اهم من كسب بقية الناخبين الاميركيين، فلدى اللوبي الصهيوني صحافة قوية ولها انياب ومخالب وتستطيع ان تؤذي من تريد، كما ان لهم قوة هائلة في مجلسي الشيوخ والكونغرس.

ارييل شارون يعي اللعبة الانتخابية الاميركية كما هي حال بقية رؤساء وزراء اسرائيل السابقين، فجاءت زيارته في وقتها، فلم تتأخر ولم تتقدم، ولذلك نسي الاميركيون والاعلام الاميركي ان هناك رئيسين لدولتين حليفتين للولايات المتحدة هما الاردن ومصر زارا واشنطن واجتمعا بالرئيس بوش، الذي لم يتجرأ على عناقهما بالطريقة التي فعلها مع شارون، ولم يقدم لهما اية التزامات بأمن بلديهما، بل حاول ان يقول كلاما عاما ومرسلا ودبلوماسيا. اما مع شارون فان الامر ليس فقط «الالتزام بأمن اسرائيل»، وهي عبارة اصبحت تقليدا، بل ذهب بعيدا في التفاصيل، فانسحاب شارون من جانب واحد اصبح بقدرة قادر «خطوة تاريخية وشجاعة» واللاجئون يجب ان يعودوا الى دولة فلسطينية ربما لا تسع سكانها الحاليين بعد عشر سنوات، وقام بوش بمباركة مواقف شارون بشكل غير مسبوق.

ستظل واشنطن رهينة لاسرائيل، وستظل اميركا دولة عظمى في تعاملها مع الصين والهند واوروبا واليابان، وستظل دولة صغيرة مكسورة الجناح عندما تتعلق المسألة باسرائيل. فالسياسة الاميركية في الشرق الاوسط ليست جزءا من سياسة الولايات المتحدة الخارجية، بل هي من صميم السياسة الداخلية الاميركية، وهذه هي المشكلة.