هل لدينا اقتصاد مسؤول؟

TT

ينظر الناس الى الاقتصاد ككائن هلامي، ولكن لاخرين هو كيان واقعي وله شخصية اعتبارية. وقد بدأ الفريق الثاني يصنف الاقتصاد بطريقتين، الأولى اقتصاد مسؤول، والثانية اقتصاد غير مسؤول.

الاقتصاد المسؤول هو الذي يتمكن من احداث نقلة نوعية ويركز على القيم المضافة فيه، وهو يتكون من مجموعة من السلوكيات والعلاقات الناجمة من العمل الاجتماعي والتضامني بين الاجهزة والمؤسسات داخل المجتمعات المتخلفة أشبه بما هو قائم في المجتمعات المتقدمة، وبقدر ما تسند اليه تصرفات الناس من ثقة متبادلة بين المواطنين في ما يبذلون من عمل وجهد تضامني في مجموعات تعمل إما رسميا Formal أو غير رسمي Informal، فقد اعتبر أن وجود التنظيمات الرسمية كالنقابات والاتحادات المهنية والاحزاب دليل على رأس المال الاجتماعي (وهو أساس الاقتصاد المسؤول). ورأس المال الاجتماعي هذا يتجسد في أمرين:

أ) وجود التنظيمات باعتبارها بمثابة الجهات الحاضنة لرأس المال الاجتماعي.

ب) تأسيس سلوكيات الافراد داخل التنظيمات على اسس سليمة يعتبر ضمانا لتحقيق رأس المال الاجتماعي.

وركائز رأس المال الاجتماعي تتمثل في اشياء نعيشها كالاسرة والمدرسة والمصنع والمجتمع المحلي الصغير والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والقطاع العام والقطاع الخاص والاقليات المختلفة، بل يتمثل أيضا في القوانين التي تصدرها الاجهزة التشريعية وتعمل الاجهزة التنفيذية على تطبيقها. وهكذا مهما بدا في مثل هذا السرد من تداخل وتكرار، فان الهدف من وراء البحث (عن الاقتصاد المسؤول) هو تحقيق ما يؤدي الى تماسك المجتمع تنمويا في ظل العولمة.

إن رأس المال الاجتماعي له ركائزه في المجتمع، سياسيا في شكل جمعيات وهيئات وعائلات واجهزة عاملة. والتأكيد على تعميق معنى الانضباط والانتماء والتعاون والإخلاص والصدق وكلها معان أخلاقية هي من أساسيات تطوير المجتمعات وأصبح من المحتم استعادتها وزرع الثقة في النفوس لتحقيق صدق التعامل داخل هذه المؤسسات، ذلك لأن الثقة المتبادلة بين المواطنين والكيانات القائمة شرط لدفع مسيرة التنمية إلى الأمام.

ان التعاون بين المواطنين سيساعد على زيادة رأس المال الاجتماعي ورعاية أبعاده السياسية والاقتصادية، إذ أن التفاعلات الاجتماعية لها آثارها الاقتصادية التي لا بد أن تتأثر بالمناخ المحيط بها من حرية وديمقراطية أو ديكتاتورية أو فساد أو رشوة.

وهذا سيجعل من الممكن القيام بتأسيس قاعدة قوية داخل المجتمع تكفل لكافة أبناء الوطن حقوقهم أينما كانوا. وبعد ذلك سيكون من المنطق المطالبة بجهاز قضائي فعال تنفذ أحكامه وسائل فعالة يصاحبها جهاز تعليمي متطور يراعي متطلبات سوق العمل. وقتها فقط يمكن أن نقول وبصدق أن لدينا اقتصادا مسؤولا. وبدون ذلك لن يكون هناك سوى الحلول التنظيرية وهذه أضغاث أحلام آن الأوان للاستيقاظ منها.