شيك بدون رصيد

TT

في خضم أحداث الحرب الاهلية اللبنانية الدامية التي أتت على الأخضر واليابس واستباحت الابرياء ودمرت كل شيء في طريقها، في وسط ذلك كله كان لا يزال الشيك المصدر يحترم ويصرف ويعامل بمثابة أوراق نقد ولم يكن يجرؤ أحد أن يخالف هذا العرف ليقينهم أن عدم احترام الشيك هو بمثابة جريمة يعاقب عليها القانون الجميع وبشدة.

ولكن ومع الأسف الشديد يبقى وضع الشيك في السعودية في حالة لا تسر أبدا. فلم تستطع الانظمة الموضوعة حمايته وصونه، وبالتالي تزايدت حالات اصدار الشيكات التي بدون رصيد حتى بلغت 5800 قضية العام الماضي فقط.

وتحاول الآن بعض الجهات بالتعاون مع مؤسسة النقد العربي السعودي اصدار نظام جديد قوي يساهم في تقليص حالات اصدار الشيكات التي لا رصيد لها، وذلك عبر التنسيق مع جهات أخرى تمنع مصدر الشيك من السفر وتوقف تراخيصه ولا تجددها، وايضا بإلغاء مكاتب الاحتجاج التي تلجأ للطرق الودية لحل المشاكل هذه، واستبدال ذلك بالانتقال مباشرة إلى هيئة التحقيق والادعاء العام باعتبارها الهيئة المختصة في القضايا الجنائية من هذا النوع.

كما تسعى وزارة التجارة أيضا إلى اصدار نظام جديد يتضمن حرمان مصدر الشيك بدون رصيد للمرة الاولى من الحصول على دفتر شيكات وبطاقة صرف إلكتروني لمدة خمس سنوات، على أن ترتفع المدة لتصل إلى 10 سنوات في حالة تكرار ذلك.

والحقيقة أن هذه أفكار مهمة ومميزة قد تساهم إلى حد كبير في التقليل من هذه المشكلة، ولكن التحدي الاكبر هو ضرورة زرع الاحترام والهيبة في هذا الشيك واعتباره «ورقة رسمية» غير قابلة للاستهتار، وهذا لن يتأتى سوى بمنظومة تعاملية جديدة كاملة تلتزم فيها كافة الدوائر المعنية الرسمية وغير الرسمية.

والشيك بإصلاح حاله واعادة الاحترام والمصداقية له سيكون كفيلا بزرع جرعة هائلة من الثقة في البيئة الاقتصادية السعودية، توضح أن تطبيق الانظمة بحذافيرها على الجميع أمر مطلوب وبشدة، وسيمكن من تحقيق أكثر من مطلب بذلك، من أهمها ايجاد حل لمشكلة طال انتظارها، تفعيل الانظمة وتطبيقها على الكل، واثبات أن كل مشكلة قابلة للحل، وقد يكون هذا بابا لحل مشاكل أخرى في انتظار مواجهتها.