مهما تمسح بذكراه .. بوش صورة مشوهة لريغان

TT

حاول بوش في كل لحظة خلال الموكب غير العادي لتشييع الرئيس الاسبق رونالد ريغان من كاليفورنيا باتجاه كابيتول هيل الظهور وكأن الرئيس الراحل كان والده السياسي الحقيقي. واخيرا، كان هناك نعش ومراسم تشييع عسكرية حاول بوش ان يكون مرتبطا بها، كما يريدنا ايضا ان نشاهد ما يجري عن كثب. (الغريب في الامر انهم وجدوا عددا كافيا من الجنود رغم استنفاد رامسفيلد للجيش الاميركي).

كما ان موقع الانترنت المخصص لحملة إعادة انتخاب بوش وتشيني جرى توظيفه بالكامل للحديث عن ريغان ومنجزاته، وهو يحتوي على أحاديث قديمة مسجلة للرئيس الراحل بما في ذلك «امبراطورية المثاليين» ـ السيئ في الامر اننا لم نعد نتمسك بالمثل والمبادئ ـ، فضلا عن حديث له عام 1984 في نورماندي بمناسبة عملية الانزال البحري التي مرت عليها ستة عقود الاسبوع الماضي. واذيعت هذه الكلمة بصورة متكررة يوم الاحد الماضي حتى طغت على الكلمة التي ألقاها جورج بوش في نفس المناسبة يوم الاحد.

يشعر صقور إدارة بوش بارتياح واضح عندما يظهرون على شاشات التلفزيون للإجابة عن اسئلة لا صلة لها البتة بالتعذيب الذي حدث في سجن ابو غريب او اسلحة الدمار الشامل الوهمية.

اذ من الواضح ان الايديولوجيا تعتبر اكثر كثافة من الدم لدى المحافظين الجدد. فالرئيس السابق بوش الأب لم يف بوعده الانتخابي المتعلق بالضرائب، كما انه سمح للرئيس العراقي المخلوع بالبقاء في السلطة. ويحاول بيرل وولفويتز الآن الربط بين بوش الابن والرئيس الراحل ريغان. فقد قال بيرل خلال لقاء اجرته معه شبكة «سي.ان.ان» ان ريغان ربما «لم يستجب للضغوط لإخراجه من العراق قبل استكمال المهمة التي ذهب من اجلها في الاساس». أما وولفويتز، فقد اشار الى هجمات 11 سبتمبر 2001 وقال إنها «كانت ستغير كل شيء حتى بالنسبة لريغان نفسه اذا كان رئيسا لأميركا»، أي اذا كان في محل بوش. وقال ايضا ان أميركا «لم تعد مهتمة فقط بتوفير الحريات للشعوب الاخرى بمنطقة الشرق الاوسط بل باتت مهتمة ايضا بالخطر الذي اصبح يتهدد اراضيها من جانب الانظمة الاستبدادية التي تدعم الارهاب».

هذه الاحاديث تغاضت فيما يبدو عن حقيقة انه كان بوسع ريغان نفسه تفادي الدخول في مخاطر واللجوء الى التسوية بل والتراجع احيانا. فعندما لقي 241 من افراد قوات البحرية الاميركية مصرعهم ببيروت مطلع ثمانينات القرن الماضي، رفض ريغان توسلات مساعديه الداعية للخروج من هناك. وقال وولفويتز ان هذه كانت من اضعف مواقف ريغان.

اليكساندر هيغ قال لبات روبرتسون في سياق الاحاديث التي ادلى بها بعض من عاصروا الرئيس الراحل ، ان ريغان انتصر في الحرب الباردة دون ان يطلق رصاصة واحدة. فقد كان بطلا ونصيرا للحرية لكنه لم يفرضها بقوة السلاح، فضلا عن انه اختار التزام جانب السلام من خلال القوة. اما بوش فقد اختار منطق «الاستباق» دون ان يصطحب وزير خارجيته كولن باول.

انصار بوش الذين يحاولون ان يلتحفوا بعباءة ريغان لن يستطيعوا ان يذهبوا أبعد مما ذهبوا اليه حتى الآن. بصرف النظر عما اذا كان على خطأ او صواب، كان ريغان يعمل على إثارة البهجة والحيوية. وبصرف النظر عما اذا كان خطأ او صوابا، فإن جورج دبليو بوش يثير الاكتئاب والإحباط.

* خدمة «نيويورك تايمز»