طلبا للمساعدات الأمريكية

TT

من الحكايات التي تداولت اثناء الحرب الباردة، ان احدى الدول النامية في افريقيا اخذت تعاني من عجز مستمر في الخزينة وفقر مريع في البلاد. عقدوا جلسة لتداول الامر. فتكلم احد الوزراء وقال لماذا لا نحاول الحصول على مساعدات امريكية؟ كل الدول المجاورة تحصل عليها. فقرروا ارسال مندوب الى واشنطن لطلب المساعدة. وذهب المندوب وعرض على المسؤولين في الخارجية الامريكية حاجة بلاده للمساعدات.

سألوه، هل عندكم شيوعيون؟ أجابه المندوب: «كلا. اعوذ بالله، شعبنا شعب مؤمن ويخاف ربه ولا يؤمن بالشيوعية»، قال له المسؤول: «آسف اذن فلا داعي لتقديم مساعدات لكم». عاد المندوب خائبا واخبر اصحابه فعقدوا جلسة اخرى فتكلم احدهم وقال: «اذا كان الامر كذلك، فلماذا لا نستورد بعض الشيوعيين من جيراننا ونطلب المساعدات؟»، وهذا ما كان. جاءوا بقطارات مليئة بالشيوعيين واسسوا لهم حزبا شيوعيا، ثم بعثوا بمندوبهم ثانية الى واشنطن. سألوه نفس السؤال. فأجاب، نعم. بلادنا مليئة بهم وعندهم حزب وجريدة وكل يوم يخرجون بمظاهرات ويهتفون «يا عمال العالم اتحدوا».

ما سمع المسؤول الامريكي بذلك حتى قال: ابشر. واسرع الى مد تلك الدولة بالمساعدات فملأ وزراؤها جيوبهم بها. كان ذلك في الستينات. وفي التسعينات، انتبه وزراء دول نامية اخرى لما حصل وكيف اثرى زملاؤهم الآخرون من المساعدات الامريكية، فقرروا محاكاتهم. جاءوا بخمسين الف شيوعي من الصين، وذهبوا الى امريكا يطالبون بالمساعدات. راحوا يشرحون كيف ان البلاد اصبحت مليئة بالشيوعيين الذين اخذوا يحتلون شتى المراكز المهمة ويطالبون بكذا وكذا. نظر في وجوههم المسؤول الامريكي بابتسامة عريضة وقال: «هذا جميل، هذا شيء مشجع. الشيوعيون سيصلحون لكم البلد ويحررون المرأة. وينظمون اقتصادكم وصناعاتكم. اعتمدوا عليهم ولن تحتاجوا لمساعدات من احد».

خيبة كبيرة. وبعد ان جاءوا بكل هؤلاء الشيوعيين من الصين دون ان يدركوا تغير الاحوال. اخيرا جاءهم سفيرهم من باكستان. قال لهم «هل سمعتم؟ امريكا تقدم المساعدات الفنية والمالية للدول التي تعاني من الارهاب». فتباشرالقوم «هاتونا بالارهابيين». بعثوا بوكلائهم الى سائر الدول التي تعاني من مشكلة الارهاب واخذوا يستنجدون ويستوردون الارهابيين بالمئات. وبعد سلسلة من التفجيرات الجهنمية، ارسلوا مندوبا آخر لواشنطن يعلمهم بالأمر ويطلب الدعم والمساعدة. وفيما كان ينتظر لقاء المسؤول، صادف مندوبا من كولومبيا. سأله عن غرض زيارته، فقال له «الحصول على مساعدات». وبعد ان تبادلا المعلومات، قال الكولومبي للمندوب الافريقي: «لماذا ضيعتم وقتكم باستيراد شيوعيين وارهابيين؟ نحن في كولومبيا، علمنا الفلاحين زراعة الكوكايين، ومن حينها نتسلم من امريكا ملايين الدولارات سنويا لمكافحة المخدرات ومنع زراعة الكوكايين. وقد خصصنا ثلث هذه المساعدات للاستثمار في زراعة المزيد من الكوكايين لنحصل على المزيد من المساعدات».