الرصاصة المباركة

TT

إليكم هذه القصة الغريبة العجيبة (والحقيقية) في نفس الوقت، فقد قرأت:

انه خلال الحرب الأهلية في الولايات المتحدة، في الثاني عشر من شهر مايو (أيار) سنة 1863، اخترقت رصاصة جسم جندي فذهبت بخصيته اليسرى.

وذات الرصاصة دخلت في بطن فتاة في السابعة عشرة من عمرها، كانت تقيم في بيت مجاور. وبعد مائتين وسبعين يوماً، أمام دهشة الفتاة وخزي الوالدين، أنجبت الفتاة طفلاً بزنة أربعة كيلوغرامات.

بعد ثلاثة أسابيع من الولادة، اضطر الطبيب أن يجري عملية جراحية للطفل، واستأصل من جسمه الصغير قطعة من المعدن. كان الطبيب هو نفسه الذي أجرى العملية للجندي الجريح قبل عشرة أشهر، فجزم أن الرصاصة التي أودت بخصية الجندي وتلوثت بالمني، هي ذاتها اخترقت مبيض الفتاة وأخصبتها. عندما أخبر الجندي بالأمر، استقبل النبأ بشيء من الريبة، لكنه بعد إلحاح وافق أن يلتقي الأم الشابة، وحدث تقارب بين الاثنين سريعاً مما أدّى إلى زواج. رزق الزوجان ثلاثة أولاد آخرين لم يكن أحد منهم يشبه الوالد بمقدار ما كان يشبهه الأول ـ ابن الرصاصة (انتهت القصة).

هذه أول حادثة في حرب تودي بخصية، وتكون «عاقبتها سعيدة»، ولو أن كل الحروب في العالم قد أدت إلى مثل هذه النتيجة، لكان العالم اليوم كله «طبل وزمر».

ويقال إن الأم الشابة عندما استخرجت قطعة المعدن ـ أي الرصاصة ـ من جسم طفلها، علقتها بسلسلة وجعلتها قلادة حول عنقها.. ولا يزال أحفاد أحفاد «طفل الرصاصة»، يعملون ويتناسلون ويفاخرون بجدهم الأول الذي انطلق من فوهة بندقية، ليستقر في رحم جدتهم الأولى بكل عنف، وبدون أي وسيط، أو «إحِمْ أو دَستور».

هذه الحروب العجيبة بين أبناء البشر إلى متى تستمر؟ ألا تشبع من هذا «العصف المأكول»؟ ألا تتعب من «طاخ طيخ»؟ ألا «تدوخ» على الأقل؟ ألا تحتاج إلى النوم ولو يسيراً؟

وأسعد خبر قرأته قبل أيام يقول: إن مركز استوكهولم الدولي لأبحاث السلام في تقريره السنوي لعام 2004 ذكر أن محاولات الباحثين في التقنيات الحيوية الموجهة لتغيير التركيب المورثي لجسم الإنسان، قد تؤدي إلى تطوير أصناف جديدة من الأسلحة «البيولوجية» تستخدم في الأغراض العسكرية، أو العمليات الإرهابية، منها مركبات لتنويم جنود العدو في ساحات القتال.

أتمنى أن يبقيني الله على قيد الحياة «مصهللاً» قبل أن أموت أو أقتل، فقط لكي أشهد ذلك الاختراع «المريح» الذي أعتقد جازماً أنه لا يقل إطلاقاً عن اختراع الإنسان «للخبز والعجل».

وتخيلوا معي لو أن جيشين احتربا، وكلاهما يملك هذا السلاح الفتاك الذي هو سلاح النوم، وصوبه تجاه الآخر، وراح جنود كلا الجيشين في سبات عميق.. فيا لها إذن من معركة رائعة، فبدلاً من قرقعة السلاح ودوي القنابل، لا تسمع غير شخير الجنود، وأضغاث أحلامهم بزوجاتهم أو من شابههن.

لو كانت الحرب هكذا، لكنت أول المتطوعين بها، بل أول الهاجمين، وآخر الصاحين من النوم.