لا للسكوت

TT

منذ أكثر من عشر سنوات أطلقت السعودية حملة كبرى لمكافحة المخدرات. تلك الكارثة والآفة التي انتشرت وبشدة في الأوساط الشبابية من الجنسين. آفة كانت تحصد عشرات الأرواح والملايين من الريالات وتتسبب في الأمراض النفسية والاجتماعية بأنواع شتى، إضافة إلى أرتال من أنواع الجرائم المرعبة. ولقد جاءت تلك الحملة بشكل منظم ما بين جهات رسمية وغير رسمية في البلاد فلقيت الرواج والقبول الجيد وخصوصا أنها المرة التي تقدم فيها حملة توعوية عامة بهذا الشكل المنظم والمباشر والصريح.

ولكن تلك الحملة توقفت فجأة ولم يتابع العمل التوعوي في هذا الشأن الخطير والحيوي. ورعاية الشباب التي تبنت وبشكل رئيسي اطلاق تلك الحملة يبدو أنها انشغلت عن هذا الشأن الحيوي (بالرغم من أن المهمة لم تكتمل بعد). إذ أن المعلومات المتوفرة في الاعلام ولدى الاطباء النفسيين تشير إلى أن حالات التعاطي والادمان للمخدرات لا تزال منتشرة وبكثرة في الأوساط الشبابية والراشدة، وأن المعدلات في ارتفاع لا في انخفاض. وكم سيكون مفيدا لو أن الحملة التي أقيمت ولقيت القبول الشعبي الكبير كانت قد اتبعت بقياس للرأي العام تستفسر منه عن أوجه الخلل وامكانيات العلاج حتى يحدث التفاعل الأكبر المطلوب.

من الواضح أن تلك الحملة كانت الرصاصة الأولى في حرب يجب أن تكون طويلة ومنظمة جدا ضد عدو خطير. فالأسرة يجب أن تشارك والمدرسة يجب أن تشارك، بل حتى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب أن تشارك بدور جديد ينقلها من دائرة الأسواق التجارية إلى النهي عن منكر عظيم وهو المخدرات.

المخدرات موجودة في مجتمعات دولية عديدة، وهي دوما ما تكون بمثابة تحد اجتماعي وتربوي واخلاقي هائل واستثنائي لها، ولكنها جميعا تضع برامج توعوية مستمرة ومراكز استشارة ومعونة نفسية وطبية متخصصة إضافة لأقسام متخصصة ومتطورة للعلاج.

ويبدو أن العبء الكبير على مستشفيات الأمل بات هائلا مما يستدعي ضرورة فتح المجال للقطاع الخاص بالدخول في مجال الطب النفسي، وتحديدا علاج الإدمان بشتى أنواعه، فالضرورة باتت تستدعي ذلك. والقطاع الخاص الطبي أثبت نجاحات في مجالات مختلفة من قبل، وعليه فإنه من المرجح جدا أن يحقق نجاحا أيضا في هذا المجال الدقيق مع الحرص طبعا أن تطبق عليه كافة الشروط المتبعة عالميا في تلك المهام.

انشغالنا بالمعركة الخطيرة الحاصلة اليوم على الجهل والارهاب يجب ألا تجعلنا ننسى الحرب على المخدرات. واليوم والجولة الرابعة من لقاءات الحوار الوطني سوف تكون مخصصة للشباب، فإن كل الأمل أن يكون من نصيب الشباب حوار دقيق وعملي عن المخدرات ومواجهتها، وهذا أقل شيء ممكن أن يقدم لهم في تلك المرحلة الدقيقة وهذا التحدي الهائل. السكوت عن مواجهة المخدرات بصورة تلقائية يغيب المشكلة عن أولوياتنا وهذه مصيبة أخرى.