بانتظار الضربة التالية

TT

الجمهور يستوعب الوضع. والأميركيون الذين يتجهون نحو عطلة نهاية الأسبوع في الرابع من يوليو (تموز) الحالي قلقون على نحو متزايد من أن الحرب في العراق بدلا من خلقها الاستقرار في الشرق الأوسط والاحساس الأكبر بالأمان هنا في الوطن، جعلت العالم، في الواقع، أكثر خطرا والولايات المتحدة أكثر عرضة من أي وقت مضى للهجمات الارهابية.

فقد أظهر استفتاء أجرته «وول ستريت جورنال»، و«إن بي سي نيوز»، ونشر يوم الخميس قبل الماضي، أن أغلبية الأميركيين يعتقدون الآن ان الحرب زادت من خطر الارهاب. وكشف استطلاع قامت به «نيويورك تايمز»، و«سي بي أس نيوز»، أوائل الأسبوع الماضي، ان 47 في المائة من المشاركين يعتقدون ان خطر الارهاب تزايد، بينما يقول 13 في المائة انه تقلص. وقال 38 في المائة من المشاركين في ذلك الاستطلاع ان الحرب لم تغير شيئا. وهناك قاعدة كبيرة تشعر بالقلق. لقد كان غزو واحتلال العراق هدية ووسيلة تعبئة لـ«القاعدة» وفروعها. ولو أن أسامة بن لادن كان قد أعد شخصيا حملة لتوسيع صفوف منظمته ونشر تأثير الارهابيين المناهضين لأميركا، فانه من الصعب تصور انه كان سيخرج بسيناريو أفضل من غزو الولايات المتحدة للعراق واحتلاله. وقال بوب بورستون، متخصص الأمن القومي في مركز التقدم الأميركي، «وضعنا أكبر وسيلة ممكنة للتجنيد بيد بن لادن وجماعته».

وتردد كلماته أصداء استنتاجات كبير محللي وكالة المخابرات الأميركية، الذي هو المؤلف المجهول لكتاب «غطرسة امبريالية: لماذا يخسر الغرب الحرب على الارهاب؟». فقد قال المؤلف الذي قضى سنوات يلاحق بن لادن وأنصاره، انه «ليس هناك من شيء كان يمكن أن يأمله بن لادن أكثر من الغزو والاحتلال الأميركي للعراق». ويتعين التعامل مع حقيقة أن هذه الحرب جعلت أميركا أكثر وليس أقل عرضة للارهاب، باعتبارها فضيحة وطنية. ولكنها ليست من ذلك النوع من القصص التي لديها سمات فضيحة مونيكا لوينسكي أو قصة أو. جي. سيمبسون على سبيل المثال.

لقد عرفنا بالتأكيد، منذ الحادي عشر من سبتمبر، إنْ لم يكن قبله، أن الارهاب يشكل الخطر الأعظم والأكثر مباشرة للولايات المتحدة. وبدلا من توجيه موارد البلاد ودعم حلفائنا نحو حملة شاملة دائمة تستهدف تدمير «القاعدة» وتنظيماتها، شن الرئيس بوش الحرب على العراق وحول ذلك البلد الى حاضنة لمثل هؤلاء الارهابيين.

كانت هناك تحذيرات. فالتجنيد من جانب «القاعدة» والجماعات الارهابية الأخرى كان يتصاعد أوائل عام 2003 في رد على الاستعداد للحرب مع العراق. وفي 16 مارس 2003 وقبل ثلاثة أيام من الحرب قالت «نيويورك تايمز»، انه «في الأسابيع الأخيرة، قال المسؤولون في الولايات المتحدة وأوروبا وأفريقيا انهم رأوا دليلا على أن متطرفين في الجاليات الاسلامية يسعون الى تشخيص وإعداد جيل جديد من الارهابيين. ويعبر المسؤولون عن قلقهم من انه من المؤكد تقريبا أن يؤدي غزو العراق الى تعبئة الجهود في مجال تجنيد الأنصار للجماعات التي تسعى الى شن الهجمات في الولايات المتحدة وأوروبا واسرائيل».

ولدينا الآن ما يقرب من 140 ألفا من أفراد القوات العسكرية في العراق، وهناك المزيد في طريقهم الى هناك، وسنكون في المستنقع هناك لسنوات مقبلة. وقد استنزفت الأثمان الباهظة في الأرواح والأموال الموارد الضرورية لمكافحة الجماعات الارهابية في مختلف أنحاء العالم واتخاذ الاجراءات الدفاعية ضد الارهاب هنا في بلادنا.

ويشعر الجمهور الآن بالكلل من الحرب. فأغلبية المشاركين في استطلاعي «نيويورك تايمز» و«وول ستريت جورنال» قالوا ان الحرب لا تستحق الثمن الذي دفعناه من أرواح الأميركيين.

ولكن ليست هناك دلائل على نهاية للحرب، فما يسمى بتسليم السيادة الذي تم اخيرا، كان طقسا سريا رمزيا اكثر منه واقعيا. وقد قتل ثلاثة من جنود المارينز في انفجار عبوة في أحد الطرق ببغداد، بعد يوم واحد من تسليم السيادة. وقتل آخر لاحقا، في الأنبار غرب بغداد.

لا توجد لدى القوات الأميركية في العراق استراتيجية للخروج منه. ولا توجد خطة في سياستنا الضريبية لتمويل الحرب. ويشهد الوضع في أفغانستان، التي تعتبر جزءا من الحرب الفعلية ضد الارهاب، مزيدا من التدهور. وتتقلص القوات الأميركية وتفتقر الى العدد الذي يستطيع تلبية التعهدات في مختلف أنحاء العالم. ولا يتلقى الأمن الداخلي ما يحتاجه من تمويل. وبتصعيد شبكات الارهاب لنشاطها فإن الشعور بين خبراء الاستخبارات في ما يتعلق بتوجيه ضربة في الولايات المتحدة، ليس ما اذا كانت هذه الضربة ستحدث، وانما متى ستحدث.

* خدمة «نيويورك تايمز»