الحكومة اتشتمت... يا عاطف باشا!!!

TT

في ميدان التحرير في وسط القاهرة، وكان الحر لا يرحم، اوقف البوليس السير، وقالوا ان شخصية مهمة ستمر في الشارع. مرت الدقائق ثقيلة، والزحمة تتفاقم والشمس تزداد ارتفاعا وحدة، وبدأ سائق السيارة بالاحتجاج والزعيق وحاولت ان اهدئ من روعه. ولكنه كان يصرخ «ده افترى يابيه.. ده اللي بيعملوه حرام»، وراح يرسم لي سيناريوهات محتملة مقنعة وقصصا اخترعتها الذاكرة الشعبية عن امرأة اضطرت الى ان تلد في السيارة لان الشارع مغلق بانتظار مرور وزير، وان مريضا مات في سيارة الاسعاف وغيرها من القصص التي لا يمكن ألا تتعاطف معها.

سائقنا الذي فقد اعصابه نادى على الشرطي وحاول ان يستفسر منه عن اغلاق الشارع فكان الجواب صاعقا «البيه مدير الامن خارج من مكتبه»..!!

كان الجواب لطمة اخرى للسائق، « وزراء وقلنا ماعلش، محافظين وقلنا ماعلش، دلوقت مدير الامن، وبكرة مدير المنطقة التعليمية وبعد بكرة مدير الشيراتون!!».

الذي يعنيني من المسألة هو ان السائق استمر في شتم الشرطة والحكومة. وعندما تذكرت ان عاطف عبيد رئيس الحكومة صديق شخصي وانني لا يمكن ان اقبل ان تشتم حكومة صديق في غيابه دون الدفاع عنه كنت في حيص بيص، فسائق التاكسي معه حق، وصديقي عاطف عبيد وحكومته على خطأ، وحكاية ان تغلق الشوارع الرئيسية لان وزيرا او محافظا سيمر هي من القضايا التي تثير سخط الناس وغضبهم مثل ظواهر كثيرة تقابلك في الشارع العربي!!

إغلاق اهم ميدان مزدحم في اكبر دولة عربية لان مسؤولاً يمر في الشارع واحدة من أسوأ العادات العربية المنتشرة من البحر الى البحر.

الرئيس السادات كان استثناء من هذه القاعدة، فلقد استحدث الطريقة الاميركية في تنقل الرؤساء فكان يستخدم الهليكوبتر في الانتقال من المطار الى مسكنه وما زال المصريون يتذكرون له هذه الحسنة حيث لا تغلق شوارع ولا يشعر الناس بالاحباط لانتظارهم وتعطيل مصالحهم.

بعد كتابة هذه المقالة بساعات نشر خبر تعيين احمد نظيف لرئاسة الحكومة المصرية، ولذلك فلا احتاج للاتصال بالصديق عاطف عبيد رئيس الحكومة لأشرح له ما حدث لي مع السائق في ميدان التحرير، باعتبار ان الحكومات لا تحاسب بأثر رجعي، واعتقد ان دعوات السائق ضد الحكومة قد استجاب الله لها فكانت النتيجة ان فقد رئيس الوزراء المصري منصبه، ولو كنت مكانه لهمست في أذن رئيس الوزراء الجديد بالتحقيق مع «البيه مدير الأمن» ولوقف هذه العادة السيئة.