ماذا نفعل مع الجوع!

TT

برغم التهديدات بالمجاعة التي تواجه 38 مليون افريقي هذا العام بسبب الأزمات الغذائية وذلك طبقا لأرقام اشتمل عليها برنامج الغذاء العالمي، فقد نجت القارة الافريقية من وقوع كوارث بها ويرجع الفضل في ذلك الى الحلول العملية التي قدمتها فرنسا والمانيا في مجال مكافحة الأزمات الغذائية.

وإذا كانت مكافحة الأزمات ترتكز على تقديم المساعدات الغذائية العاجلة وعلى اجراءات الوقاية، فإنه يتعين النظر الى أبعد من ذلك بتأكيد الأمن الغذائي الدائم لأفريقيا، كما يتعين على المهتمين بالشأن الافريقي إدراك النتائج السلبية التي يمكن ان تترتب على الاكتفاء بمجرد تقديم المساعدات الغذائية لأن خطر المجاعة في افريقيا يظل يتهددها اذا كانت هذه المساعدات ستؤدي الى اضطراب الزراعة في المناطق المستفيدة من هذه المساعدات.

لذلك لا يجب تشجيع أي بلد افريقي على تبديل محاصيله الزراعية التقليدية بسلع غذائية لا تستطيع انتاجها لأن الظروف المناخية غير ملائمة. كما لا يجب تقديم مساعدات ضخمة مما ينجم عنه اعتمادها الكامل على المعونات الغذائية. كذلك لا يجب ان توجد المساعدات شكلا من اشكال المنافسة مع المنتجات الغذائية المحلية مثلما حدث في غينيا التي بمجرد انتهاء أزمتها الغذائية وجد مزارعو الأرز الغينيون صعوبات شديدة في بيع منتجاتهم بسبب وجود فائض من الأرز في الأسواق.

ولمعالجة مثل هذه السلبيات وفي ضوء التجارب السابقة تفضل كل من المانيا وفرنسا تقديم مساعدات مالية تستهدف شراء مواد غذائية من نفس المكان بدلا من اللجوء الى منح المحاصيل الزراعية كما تفعل الولايات المتحدة الامريكية التي لا تعطي الأولوية للثروات داخل أي بلد او منطقة معنية وما ينجم عن ذلك من اعتماد كامل على الولايات المتحدة الامريكية ومن تبعية كاملة لها.

تنتقد فرنسا والمانيا السياسات المفتقدة الى الشفافية في مكافحة الأزمات الغذائية، كما تنتقد استغلال المساعدة الغذائية كوسيلة لإغراق البلد بفائض زراعي او قيام الدول المتقدمة بغزو اسواق جديدة، واستغلال الحبوب التي تمنح في اوقات المجاعات كفرصة متاحة لتقديم منتجات معالجة وراثيا.

إن الأزمة في جنوب السودان وفي دارفور يجب ان تحل على اساس هذه المعطيات وليس بمجرد المعونات.