سافر لتزداد علما

TT

كثيرا ما يرتبط الادب الغرافيتي بالسفر، وهو ما تعلمته من سفري الى الجزائر، حيث وجدت مكتوبا على حائط مقهى في الطريق الى الصحراء الكبرى هذه الكلمات «لا تبصق! ربما ستحتاج الى بصاقك بعد قليل».

لا ادري لماذا لا ينظمون رحلات سياحية خاصة لزيارة المراكز الغرافيتية المهمة، وعلى رأسها مدينة باريس، حيث وجدت مكتوبا على جدار حاشد بالشخبطات والكلمات والرسوم هذه العبارة: «كل ما كتب على هذا الحائط لا يعبر بالضرورة عن تفكير بلدية باريس».

ومن الجدير بالانتباه ان الغرافيتي لا يقتصر على الكتابات على الجدران، فمدلولاته اوسع بكثير وتشمل كل الكتابات والرسومات والشخبطات التي تنقش في اي مكان وبأي وسيلة طالما جاءت عشوائية وبدون تنظيم مسبق; منها مثلا التعليقات التي ينقشها الكثيرون على قوائم الطعام في المطاعم والفنادق، كما جاء في مطعم إسباني; والمعروف ان الإسبان بطيئون في خدمة الزبائن وإحضار الطعام، فيظهر ان سائحا ضاق ذرعا بالانتظار فكتب على القائمة: «أيها المسافر في موكب الحياة. لا تذرف الدمع عليهم. لا تحسبنّهم امواتا. انهم فقط نائمون».

ورأى احد ظرفاء الغرافيتي إعلان وزارة الخارجية البريطانية الموجه للمسافرين الى العراق بهذه الكلمات: «على جميع المسافرين للعراق، يُرجى مراجعة السفارة البريطانية هناك حال وصولكم». وكتب الظريف الفاضل بقلم الرصاص تحتها: «ثم توجهوا الى اقرب طبيب للامراض العقلية». ووجد احد المسافرين مكتوبا على دليل التلفون «المصير الأسوأ من الموت أحسن من الموت».

تراكم التراب والأطيان على السيارات بعد سفر طويل من عوارض السفر المعتادة، ولكنها تعطي مجالا رائعا للغرافيتي. وجدت على سيارة مغطاة بالتراب هاتين الكلمتين: «احتاج لحمام» وعلى شاحنة نفط كتب آخر: «أي جنس من الوقود يا ترى سألد؟»، وقرأت في احد الأيام على سيارة فوكس واغن مغطاة بالتراب هذا الاسم: «أحدب نوتردام» وفي عنفوان الأزمة الاقتصادية في اسرائيل عندما اخذ الكثيرون بالهجرة منها، كتب احد المهاجرين على لوحة مطار بن غوريون: «يرجى من آخر يهودي يترك البلاد ان يطفئ كافة الانوار».

وكتب مسافر بالحروف الكبيرة على جدول قطارات لفربول: «السفر على ظهر سلحفاة أسرع لك». وعلى إعلان للتعارف مُلصق في محطة بيكاديلي قرأت: «الزواج مؤسسة رائعة. ولكن من يرغب في قضاء حياته في مؤسسة؟». وفي مراحيض تلك المحطة كتب آخر: «الإمساك سارق للوقت. والإسهال شرطي لا يعطيك فرصة!».

وفي قطار بين لندن وأكسفورد قرأت: «العصابيون يبنون قصورا في الخيال. والمجانين يسكنونها والأطباء النفسيون يجمعون الإيجار عنها».

www.kishtainiat.com