الإحصاءات الطبية

TT

شهد العالم منذ أسابيع قليلة انعقاد المؤتمر الدولي الذي أقيم بالعاصمة التايلاندية بانكوك عن مرض نقص المناعة المكتسب المعروف باسم الايدز. وعرضت دول كثيرة تجاربها مع هذا المرض وسبل التعامل معه. واتضح من التجارب المقدمة أن المرض لا يزال مستمرا في الانتشار وبشكل هائل، وأن نسبة الاصابة به تفوق نسب تدني المرض والاصابة به في بعض البلاد. وتأكد بشكل أساسي وواضح أن البلاد المهددة بشكل رئيسي أن ينتشر فيها المرض هذا هي بلاد العالم الثالث عموما وتحديدا في آسيا وأفريقيا.

وعدد حالات الاصابات بمرض الايدز بالسعودية يبقى إحدى علامات الاستفهام الغامضة، فهناك تباين في بعض البيانات الصادرة من المصادر الصحية المسؤولة التي توضح عدد الحالات، كما أن الارقام لا تصدر بصورة دورية ثابتة حتى يتم التوضيح وبالتالي المعرفة والاستفادة من نسب الهبوط والصعود ومن ثم معرفة الاسباب والتعامل معها. ويبدو أن هذا الموقف من قبل الجهات المسؤولة عن الشأن الصحي في السعودية متوافق مع طبيعة التحفظ العام الموجود تجاه الاحصاءات بصورة عامة، وهذا التحفظ الذي كان يبرر دوما بأسباب وقائية أمنية بات غير مقبول اليوم.

والسعودية مقدمة على سلسلة من الكوارث الطبية، وذلك بحسب تقديرات ودراسات مختلفة منها ما كان مستقلا خاصا وآخر رسميا أو أكاديميا. وتبين تلك الدراسات أن هناك قفزة هائلة متوقعة في الاصابة بأمراض القلب والسكري والفشل الكلوي وبعض الاورام الخبيثة في الرئة والصدر وكذلك التهاب الكبد الوبائي.

وتعيد الدراسات ارتفاع الاصابات المتوقع لأسباب مختلفة، منها أسلوب المعيشة العصري ووسائل الرفاهية، وكذلك سوء التغذية ونوعيتها الرديئة وقلة الرياضة وبعض العادات السيئة كالتدخين والسهر. وجميع تلك الدراسات تطلق انذارا مدويا كبيرا مطلوب الانصات اليه والعمل بجدية لاصلاح عواقب الخطر المقبل.

ولعل إحدى الطرق التي من الممكن أن ترفع درجة الوعي وبالتالي تحقق بعض الالتزام في حياة الناس، هي اطلاعهم بصورة دورية ثابتة متواصلة على الحالة الصحية وامراض المواطنين والمقيمين بالسعودية المختلفة، لأن هذه الاحصاءات سوف تكون بمثابة قياس ضغط (ترمومتر) للحالة الصحية العامة في البلاد.

واذا كان الغياب السعودي عن المشاركة في يوم الايدز العالمي وتوعية الناس بهذا المرض مثله مثل غيره قد أثار التعجب فالمفروض أن تعامل كافة الامراض بنفس الجدية والاهتمام وأن تتم مشاركة الناس بقراءة واضحة وشفافية صريحة عن الحالة الطبية والصحية في بلادهم بأرقام ونسب واحصاءات دقيقة تبين الواقع. تماما كما يشرح الطبيب للمريض حاله، فالمريض أيا كانت حالته يحتاج الى لحظة صدق من طبيبه وهذا هو المطلوب فيما يخص الاحصاءات الطبية الغائبة.