حاكموا صدام بقانون صدام

TT

لابد أن يحاكم كل طاغية بقانونه، الجزاء من جنس العمل. لابد أن يحاكم صدام حسين بقانون صدام حسين، هذه اللافتات المائعة:«أسير حرب»، «اتفاقية جنيف»، «حقوق الإنسان»، «لابد أن نثبت أننا لسنا مثله...» الى آخره. هذه لافتات يدوسها الحكام بالأقدام فورا، حين يهب الشعب المظلوم للدفاع عن حقوقه، أبسط حقوقه: الماء والغذاء والكساء عندها لا نرى حقوقا للانسان ولا نرى أيا من هذه اللافتات لصالح الشعب. الحاكمون الجدد في العراق يعلنون ضرورة عودة عقوبة «الاعدام». هل كانت هذه العقوبة قد ألغيت أصلا؟

هؤلاء القتلى اليوميون من الناس، ماتوا تكريما؟ ما هي «العقوبة» إذن، وما هو «الإعدام»؟

ألا تحمد السيدة رغد صدام حسين ربها على بقائها «حرة» ، ساعة غزو البلاد. السيد الوالد لم يفكر سوى في إنقاذ عائلته والبلاد تدوسها أقدام الغزاة؟ ألم تكن تعرف السيدة رغد ما استطاع أي زائر عابر بالعراق أن يعرفه عن آلام أهل أرض «النازفين»؟

والدك المسكين أسير الحرب الذي تريدين أن تساعديه بكل ما تملكين بمحامين «اميركيين» لأنهم: «يمكن ان يكونوا أكثر منفعة من محاميها الذين يثيرون الضجيج..»، كما أفادت حضرتها في حديثها مع الصحافية «دافني باراك» المنشور بــ«الشرق الأوسط» 3/8/2004، إذن فأنت تعرفين «المساعدة»، و«بكل ما تملكين». ماذا تملكين ومن أين لك هذا؟

أي عقاب يمكن أن يكون كافيا وشافيا وحقا وعدلا، لصدام حسين، لهذا الذي أهلك الحرث والنسل وأتى بجراد الغزاة يكملون مسيرته في التهام الأخضر واليابس في أرض «النازفين». أصابك القلق على الوالد، أسير الحرب في الزنزانة المكيفة. تعرفين إذن «القلق» ؟ ألم يناوشك القلق على أهل بلادك يوم كانت الرصاصة بالدماغ أسرع من الصفعات؟ ويوم.... ويوم...ويوم... ؟

الشابة السادية الاميركية «انجلاند» تقدم للمحاكمة لأنها أهانت رجالا عراقيين ومثلت بجثثهم، ليسوا من جنسها ولا من ملتها ولا من بقية أهلها ، هل «إنجلاند» أكثر اجراما ؟ تقولين إن لديك «كبرياء»؟ أبعد كل هذا الهوان للوطن والأهل والعشيرة ؟ تندبين حقيقة أنك وأولادك الآن «بلا وطن»، مع أنك ما زلت تعيشين في «الوطن العربي». ماذا عن الذين شردهم أبوك و «أركان نظامه» على مساحة الكرة الأرضية من القطب الشمالي حتى الجنوبي. لا يعنيني كيف فرض أبوك الحرب على إيران وكيف غزا الكويت، فإيران كانت تملك قدرات الدفاع، والكويت عرفت لمن تلجأ. الذي يعنيني من البداية الى النهاية هو ذلك الشعب العراقي الذي اختطفه أبوك، وأركان نظامه، ووضع السكين علي نحره يذبحه في الدقيقة ألف مرة، والكاميرات لا تصور سوى التصفيق والتأييد والركوع والسجود للجبار المفتون، وما من التفاتة للشعب الرهينة الذي قطع لسانه وصودرت امدادات دفاعه، تخيلي لو كنت ابنة «مخلوع» من «الرئاسة» وكان «صدام حسين» هو «الخالع»، لا «المخلوع»، ماذا كان يمكن أن يفعله بك «قانون» صدام حسين؟ هل كان من المحتمل، ولو صفر في المليون، أن تكون لديك شكوى بسبب عدم السماح لك بزيارة والدك المخلوع في «زنزانته المكيفة». هل ثمة بند في قانون صدام حسين كان نصه: «حق المواطن في زيارة سجين له، ناهيك عن رئيس مخلوع»؟ لماذا لا يعامل صدام حسين بقانون صدام حسين، يطبق عليه قانونه «بحذافيره» نعم «حذافيره»، هذا هو «العدل» الذي ارتضاه صدام طيلة حكمه للشعب العراقي، وهو الأولى به الآن !