المعارضة الكويتية في الخارج

TT

من حق أي إنسان أن يعارض معارضة سلمية من أي مكان في العالم، سواء كانت معارضته محلية لما يجري في بلده، أو دولية احتجاجا على التخريب البيئي العالمي مثلما يمارس حزب الخضر في العالم، أو معارضة الأسلحة النووية من أجل السلم العالمي.

والكويت من الدول القلائل التي لا معارضين لها من مواطنيها في الخارج، ولقد كانت المعارضة ـ ولا تزال ـ لبعض أنظمتنا العربية تلجأ إلى الخارج خوفا من الملاحقة والمطاردة والسجون، فلأكثر من عقدين تردد على أسماع العالم مصطلح «المعارضة العراقية»، التي كانت تمارس معارضتها في الخارج لفضح الجرائم التي يرتكبها نظام صدام حسين السابق، وكان الخارج بالنسبة لها ملاذا من المخابرات لم يكن محكما في كل الأحوال، فقد كانت مخابرات صدام تلاحق مناوئيه وتغتالهم في عواصم العالم، ولعل أشهر الملاحقين العراقيين هو رئيس الوزراء العراقي الحالي الدكتور أياد علاوي الذي نجا بأعجوبة من محاولة اغتياله في لندن عام 1978 .

قبل أيام ظهر شباب كويتيون على أجهزة الإعلام العربية يعلنون أنهم بصدد تشكيل معارضة خارجية ضد الممارسات الحكومية اللاديمقراطية في الكويت، وكثر الجدل المعلن عنهم داخل الكويت وعن مطالبهم وما ينشدون، فقال قائل: هؤلاء يبحثون عن الأضواء، وقال آخر: يحاولون ابتزاز الحكومة من أجل المناصب، وقال ثالث «ليش ما يعارضون بالكويت»، وهكذا.

وبغض النظر عن الأسباب التي دفعت هؤلاء الشباب إلى هذا الأسلوب الجديد، فإن المرء لا يمتلك إلا أن يحترم رغبتهم، ويرفض التشكيك في نواياهم، فما قاموا به حق لهم تكفله القوانين الدولية لحقوق الإنسان، ولا أظنهم سيضرون الكويت شيئا إن كانت الكويت ديمقراطية تراعي حق التعبير عن الرأي وتؤكد على حماية حقوق الإنسان.

وأظن أفضل وسيلة للتعامل مع هذه الظاهرة هو بإعطائها التغطية الإعلامية الكويتية دون تحفظ، كي لا يلجأ هؤلاء الشباب إلى وسائل إعلامية أخرى تصطاد في الماء العكر وتحرف الكلام عن مواضعه، وقد تناقلت وسائل الإعلام والصحف الكويتية مشكورة نشاط وإعلان هذا التنظيم المعارض، الأمر الذي ينفي عنها تلقائيا صفة «الخارجية»، نسبة إلى الخارج، ويعطيها بعدا داخليا وتتحول شيئا فشيئا إلى معارضة داخلية لتصبح بكل هدوء معارضة «داخلية»، وهي في كل الأحوال لا تزال داخلية، فليس بين هؤلاء الشباب من هو ممنوع من العودة إلى الكويت، أو تم اعتقال أهله حتى عودته، كم أن مجال الحريات الإقليمية مقارنة بالكويت ضيق للغاية، بل وحتى الدولية إذا ما عرفنا أن التضييق الغربي على التنظيمات الدينية في الغرب بعد تفجيرات الحادي من سبتمبر عام 2001 قد تفاقم.

من المطالب التي أعلن عنها المعارضون الجدد حقوق للمعتقلين المتهمين في التنظيمات الإرهابية في الكويت، وهذه يمكن الرد عليها بسهولة بالاستشهاد بالمنظمات الدولية لحقوق الإنسان، ولإشهار الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان التي لا تزال تنتظر إشهارها في بلد يعد سجله نظيفا ـ بمعايير المنطقة ـ في مسائل حقوق الإنسان.

إن الكويت ـ رغم ديمقراطيتها النسبية ـ ليست مستثناة من الإصلاح السياسي، فالعملية الديمقراطية فيها بحاجة إلى تطوير وتوسيع لحجم المشاركة بما يشمل مشاركة المرأة، وقانون الأحزاب أصبح مسألة ملحة، وقانون إعلامي عصري أصبح من ضرورات المرحلة والمتغيرات الدولية، وإعطاء حق الأفراد اللجوء للمحكمة الدستورية للطعن في القوانين مسألة لا مناص منها لإقرار حقوق الأفراد قضائيا.

قد لا يكون لهذه المطالب الإصلاحية صلة بالمعارضة الكويتية الجديدة، ولكنها مطالب يتكاثر المنادون بها يوميا في الكويت وداخل الكويت وليس خارجها.